تعتبر الثقافة واحدة من أهم العناصر التي تجمع مجموعة من النّاس مع بعضهم البعض، فهي سببٌ من أسبابِ الوحدة بين أبناء أي أمة من الأمم، والثقافة هي تلك السلوكات والأفكار التي تحدد شخصية الإنسان وكيانه، والتي تبنى عليها مواقفه، وآرائه التي يتخذها إزاء القضايا التي تعترضه خلال حياته.
تسهم العديد من العوامل في تشكيل الثقافة وتكوينها، بعضها قديم وبعضها الآخر حديث، والوسائل الحديثة أخطر وأكثر أهميّة من القديمة؛ كونها تستطيع الوصول إلى مجموعةٍ أكبر من الناس، نظراً للتطورات التقنيّة التي حدثت في هذا العصر، ولعلَّ أبرز هذه الوسائل وأكثرها أهمية وسائل الإعلام، وفي هذا المقال سنتحدث عن علاقة الإعلام بوسائله بالثقافة، ومدى إسهام الوسائل في إعادة صياغة، وتشكيل، وتوجيه ثقافة المتلقّين.
علاقة الثقافة بالإعلاميعرف الإعلام على أنه تلك الوسائل أو التقنيات أو المؤسسات التي تبث الأخبار والمعلومات ونشر الترفيه بين الناس، وهو من الأمور التي اجتاحت كل المنازل، والتي تأثرت بها كل العقول، ومن هنا كانت مهمة وخطيرة في الآن ذاته، خاصة على الصعيد الثقافي.
بالنظر إلى أحوال الأمم المتأخرة من الناحية الحضارية، نجد أنّ هذه الأمم تكون أَميَل إلى تلقي كل ما يَرِدها من آراء، وأفكار، وأطروحات شتى، وإذا ربطنا ذلك بالإعلام نجد أنَّ هذه الوسيلة المهمة وبما تمتلكه من قدرةٍ كبيرةٍ على الدّخول إلى عقول الناس وتغييرها إما نحو الأفضل أو نحو الأسوأ تعتبر من أهم مصانع الثقافة حول العالم.
يمكن للإعلام نقل الأفكار الجديدة إلى المتلقين بطرقٍ شتى من أبرزها: الترفيه، والتّسلية، والضحك، ومن حيث لا يدرون، إذ يُمكن لبرنامجٍ كوميدي على سبيل المثال أنْ يعمل عَمل مئةِ خطبةٍ أو عظة، ومن هنا فإنّ الفنانين اليوم يحظون بشهرةٍ أكثر من غيرهم، كونهم استطاعوا دخول قلوب النّاس بما يقدمونه لهم من برامج ومواد، وبالتالي فهم الأقدر على مخاطبتهم وإعادة برمجة عقولهم بالطّريقة التي يشاؤونها.
لا يمكن تهميش الدّور الذي تلعبه المؤسسات الإعلامية الضخمة في تعريف النّاس على بعضهم البعض، وكسر الحواجز فيما بينهم، وبالتالي التأثير في النّواحي الثقافية لدى النّاس؛ فمثل هذه المؤسسات التي لها باعٌ طويل في صناعة الإعلام، تَعرف بالضبط كيف تستميل الجماهير نحو أفكارها، ومبادئها، وآرائها.
إذا ألقينا نظرة على أحوال الدّول العظمى وجدنا أنّها تروج لنفسها ولأفكارها ولتحركاتها في مناطق العالم عن طريق وسائل الإعلام، مما قد يقلب الباطل حقاً، والحق باطلاً، وكل ذلك بسبب غياب الأمم الأخرى عن الساحة الإعلامية، وترك هذا المجال الحساس للآخرين حتى يبثوا ما لديهم دون وجودِ منافسةٍ حقيقية لهم.
أما بالنسبة للمتلقين، فمن الواجب عليهم الانتباه عند متابعة الوسائل الإعلامية بشتى أنواعها، ومراقبة المواد التي تُعرض عليها، خاصة تلك الموجهة للأطفال، وذلك أضعف الإيمان.
المقالات المتعلقة بالثقافة والإعلام