الكل يعرف مدى أهمية القرآن في حياة الجماعة والفرد ولكن هناك أشياء قد لا نعرفها فلو نظرت إلى هذا الكون تجده يسير بإنتظام وميزان مثبت رباني عجيب فكل من يمشي ويؤدي الدور الذي عليه من دون الإعتداء على الأخرين لكن إذا نظرت يا أخي إلى حياة البشرية تجدها عكس ذلك تجد النظام باكمله مختل فهذا يقتل هذا وهذا يعتدي على هذا وكأن المجتمع البشري أصبح أشبه بغابة تقطنها الذئاب والأسود وبقية الحيوانات المفترسة والضعيفة والحياة فيها للأقوى والسبب في ذلك هو أن هذه البشرية قد ابتعدت عن الدستور والنظام الإلهي الذي حفظها وحفظ كيانها ومجدها من الضياع والتمزق وقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم ليجعله دستور هذه الأمة من اجل ان يحفظ كيانها ومجدها من الضياع ولتسير عليه إلىقيام الساعة حتى ينتشر الأمن والأمان لهذه الأمة فما أعظم قراننا وقد أتى في القران اية عديدة لتنظم حالنا في دنيانا ولترشدنل لطريق الصواب وتعد (الآية 282) من سورة البقرة أطول آية فى القرآن وتسمى ايضا آية الدْيِّن
قال الله تعالى في كتابه :- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:282)
شرح الاية
تعد هذه الآية الكريمة أطول آية في كتاب الله؛ وتنظر في المعاملات بين الخلق
قال اله تعالى في بدايتها :-{ يا أيها الذين آمنوا}؛ يخاطب هنا الذين امنو وليس جميع الناس قوله تعالى: { إذا تداينتم بدين } أي إذا داين بعضكم بعض؛ و «الدين» كل ما رسخ في الذمة من ثمن أجرة، أو بيع، أو قرض، أو دين، أو غير ذلك.قوله تعالى: { إلى أجل مسمى } أي إلى مدة محددة { فاكتبوه } أي ان تكتبوا الدين المؤجل إلى أجله؛ والفاء تأتي رابطة لجواب الشرط في { إذا }. قوله تعالى: { وليكتب } أللام للأمر؛ وجائت ساكنة لوقوعها بعد الواو؛ وهي مسكنة حتى إذا وقعت بعد الواو ؛ و{ بينكم } تعني في قضيتكم؛ و{ كاتب } نكرة يشمل أيّ كاتب؛ { بالعدل } تعني الاستقامة - وهو ضد الجور؛ والمقصود به ما طابق الشرع؛ وهو ما يتعلق بقوله تعالى: {ليكتب}. قوله تعالى: { ولا يأب كاتب أن يكتب }، أي لا يمنع كاتب الكتابة إذا طلب منه ذلك الشيء. قوله تعالى: { كما علمه الله } يمكن أن تكون الكاف للتشبيه في هذا الموضع ؛ فالمعنى حينئذ: أن يكتب كتابة حسب ما يعلم بحيث تكون مستوفية لما يريد أن تكون عليه؛ ويمكن أن تكون الكاف للتعليل في هذا الموضع ؛ فالمعنى: أنه لما اعلمه الله فلعمل على شكر نعمته عليه، ولا يمتنع ويخفف من الكتابة. قوله تعالى: { فليكتب }؛ الفاء تاتي للتفريع: واللام لام الأمر؛ ولكنها سكنت بسبب وقوعها بعد الفاء؛ وموضع: {فليكتب } مما كان قبلها في المعنى فقد قال بعض العلماء: إنها تأتي للتوكيد؛ ؛ فهي تاتي بموضع توكيد معنوي؛ وقيل ايضا : بل هي تأسيس تفيدنا الأمر بالمبادرة إلى الكتابة. قوله تعالى: { وليملل الذي عليه الحق } أي يملي؛ وهما تعدان لغتان فصيحتان؛ فـ «الإملال» و«الإملاء» تأتي بمعنًى واحد؛ فتقول: «أمليت عليه»؛ و«أمللت عليه» وهي لغة عربية فصحى. قوله تعالى: { وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئاً }؛ عندما أمر الله عز وجل بأن الذي يطلب منه الحق دون غيره طلب منه أمراً، ونهياً؛ الأمر: { وليتق الله ربه } يعني أن يتخذ الوقاية من العذاب من الله تعالى، فيقول الصدق؛ والنهي: { ولا يبخس منه شيئاً } أي لا ينقص لا في كميته، ولا كيفيته. قوله تعالى: { فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً }، أي لا يحسن التصرف؛ { أو ضعيفاً }؛ الضعف تأتي بمعنى ضعف الجسم، وضعف العقل؛ كما تأتي أيضا بمعنى ضعف الجسم لصغره؛ وضعف العقل لجنونه؛ كأن نقول أن يكون الذي عليه الحق صغيراً لم يبلغ؛ أو أن كان كبيراً لكنه مجنون، أو معتوها؛ فهذا لا يملل؛ وإنما يعني أن يملل وليه؛ { أو لا يستطيع أن يمل هو} أي لا يستطيع أن يملي لخرس، أو غير ذلك قوله تعالى: { فليملل }: اللام هنا لام الأمر؛ وسكنت بسبب وقوعها بعد الفاء؛ { وليه } تعني الذي يتولى شؤونه من أب، أو جد، أو غيرهم. قوله تعالى: { بالعدل } تعني إملاءً بالعدل بحيث لا يجور على من له الحق لمحاباة قريبه، ولا يجور على قريبه خوفاً من صاحب الحق؛ بل يجب أن يكون إملاؤه بالعدل؛ وهنا يقصد بالعدل هو الصدق المطابق للواقع؛ فلا يزيد، ولا ينقصمن دون تعديل . قوله تعالى: { واستشهدوا شهيدين من رجالكم }، تعني أن تطلبوا شهيدين من رجالكم. وقوله تعالى: { من رجالكم } الخطاب هنا للمؤمنين. قوله تعالى: { فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان }، تعني إن لم يكن الشاهدان رجلين فرجل وامرأتان. وقوله تعالى: { فرجل وامرأتان }: الجملة تأتي هنا جواب الشرط في قوله تعالى: { فإن لم يكونا... }؛ والفاء هنا رابطة للجواب. وقوله تعالى: { فرجل } تعني الذَكَر البالغ؛ و{ امرأتان } أي أنثيان بالغتان ؛ لأن الرجل والمرأة إنما يطلقان هنا على البالغ. قوله تعالى: { ممن ترضون من الشهداء }: تعني الرجل والمرأتان كائنون مما ترضون من الشهداء؛ والخطاب هنا في قوله تعالى: { ترضون } موجه للأمة بأكملها ؛ يعني بحيث يكون الرجل والمرأتان مرضيين عند الناس. قوله تعالى: { أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } فيها عديد من القراءات؛ القراءة الأولى بفتح همزة { أنْ }؛ وعلى هذا يجوز قراءتان في قول الله تعالى: { فتذكر }: تخفيف الكاف: { فتذْكِرَ }، وتشديدها. وقوله تعالى: { فتذكر إحداهما الأخرى } تأتي من التذكير؛ وتأتي لتنبيه الإنسان الناسي على ما نسي؛ ومن الغرائب في التفسير أن بعضهم قال: { فتذكر } تأتي بمعنى تجعلها بمنزلة الذَّكَر - لا سيما على قراءة التخفيف. قوله تعالى: { ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } تعني أن لا يمتنع الشهداء إذا ما دعوا لتحمل الشهادة. قوله تعالى: { ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله }، تعني أن لا تمَلّوا أن تكتبوا الدَّين صغيراً كان أو كبيراً إلى أجله المسمى. قوله تعالى: { ذلكم } المشار إليه كل ما سبق من الأحكام؛ { أقسط عند الله } أي أقوم، وأعدل؛ { وأقوم للشهادة } تعني أي أقرب إلى إقامتها؛ { وأدنى ألا ترتابوا } أي أقرب إلى انتفاء الريبة عندكم. قوله تعالى: { إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم }: التجارة هنا هي كل صفقة يراد بها الربح؛ فتشمل البيع، والشراء، وتشمل ايضا عقود الإجارات؛ ولهذا سمى الله سبحانه وتعالى الإيمان، والجهاد في سبيله تجارة. وأما قوله تعالى: { حاضرة } فتأتي هنا ضد قوله تعالى: { إذا تداينتم بدين }؛ فالحاضر ما سوى الدَّين. و قوله تعالى: { تديرونها } تعني أي تتعاطونها بينكم بحيث يأخذ هذا سلعته، والآخر يأخذ ايضا الثمن. قوله تعالى: { فليس عليكم جناح }: هنا يأتي المعنى ففي هذه الحال ليس عليكم إثم في عدم كتابتها. قوله تعالى: { وأشهدوا إذا تبايعتم } تعني أن يبيع بعضكم على بعض. قوله تعالى: { ولا يضار كاتب ولا شهيد }؛ مأخوذة هنا من: الإضرار. قوله تعالى: { واتقوا الله } تعني أن يتخذوا الوقاية من عذاب الله؛ وذلك بفعل أوامره، والعمل على اجتناب نواهيه. قوله تعالى: { والله بكل شيء عليم } هنا تشمل كل ما في السماء، والأرض.
المقالات المتعلقة باطول اية في القران