نشأة علم البلاغة

نشأة علم البلاغة

نشأة علم البلاغة

يُعتبر علم البلاغة واحداً من العلوم اللغويّة التي عرفها العرب واشتهروا بها منذ أيّام الجاهليّة، ولا شكّ أنّ علم البلاغة ملازم لعلم الفصاحة وأيضاً البيان، وهو يدلّ على رفعةِ الأدب، لما فيه من جماليّة وفنّ وصنعة أدبيّة، أتقنه العرب قديماً، واهتموّا فيه أيّما اهتمامٍ، وما زالت البلاغة هي الحكم الأوّل والأخير في شاعريّة الشعراء وإبداعهم.

بداية علم البلاغة ونشأته

عُرف علم البلاغة منذ القِدم، حيث كان العرب في الجاهليّة يتقنون اللغة العربيّة بما فيها من فنون أدبيّة تضفي على اللغة -إن كانت نثريّة أم شعريّة- جماليّة خاصّة، وما سوق عكاظ الأدبي، والذي يتجمهر فيه الناس لعقد مبارياتهم الشعريّة والأدبيّة، إلاَّ موقعاً أُطلق فيه علم البلاغة بشكل أوسع، حيث فتح الباب على مصراعيه للاطلاع عليه وتعلّمه، وبالتالي إتقانه، حيث يخضع لتحكيمٍ من قِبَل لجنةٍ من النقّاد المشهورين بحنكتهم اللغويّة الأدبيّة، وخير مثال الأديب والناقد النابغة الذبياني حيث كان حينما يحضر لسوق عكاظ، تُضرب له قبّة ذات لون أحمرَ، ليتوافد عليه الشعراء، ويقوم هو بتحديد المرتبة الشعريّة لكل شاعرٍ، تبعاً لمتانة الأسلوب وصنعة البلاغة فيها.

كان التباهي في نظم الشعر قديماً يتعدّى حدود التصفيق أو المدح، إذ كان التباهي بين القبائل قائماً حول أشعر الشعراء فيما بينهم، والأفراح التي تُدار حينما يخرج شاعراً من أبناء إحداها. بالرّغم من أنّ شعراء سوق عكاظ كانوا يتعرّضون لتحكيمٍ دقيقٍ ومقاييسَ معيّنة، ويتمّ منحهم رتبة أو درجة في أعمالهم، وذلك بحسب بلاغتهم في الشعر، إلاَّ أنّ بلاغتهم كانت فطريّة خالية من التعقيد.

علم البديع وعلم البيان

عُرفت البلاغة منذ نشأتها ضمن مسمّى (علم البديع)، ويدلّنا على هذا الأمر كتاب البديع لصاحبه ابن المعتز، والذي يتضمّن كافّة الألوان البلاغيّة في اللغة من استعاراتٍ وكنايةٍ وتشابيه، ولم تمضِ مدّة وجيزة حتّى عُرفت البلاغة ضمن مُسمّى علم البيان، إذ أقر البلاغيّون بأن سبب التسمية يعود لمعنى كلمة البيان والتي يُقصد فيها المنطق الفصيح، وتشمل كلّ من علم المعاني وعلم البيان وعلم البديع، والتي منها تعدّدت الفروع واختلفت في مصادرها ومراجعها، ومن أشهر من أطلق على البلاغة تسمية البيان هو ابن الأثير في كتابه (المثل السائر)، وابن وهب في كتابه (البرهان في وجوه البيان)، وفيما بعد تمّت تسمية علم البلاغة بعلم نقد الشعر، وأيضاً أُطلق عليه صنعة الشعر، وعُرف أيضاً بنقد الكلام. وتجدر الإشارة إلى أنّ كتاب (البيان والتبيين) الذي ألّفه الجاحظ، يُعد أوّل كتابٍ يُتَناوَل فيه علم البلاغة، بأسلوبٍ بسيطٍ، خالي من الصِنعة، وغير منظّم.

المقالات المتعلقة بنشأة علم البلاغة