المسنّون هم كبارُ السن أو مَن تجاوزوا الستّين عاماً من العمر، وهم الذين يمدّون بيوتَنا بالبركة، وهم مَن غرسوا القيمَ والدّين في أنفسنا، وهم مَن حملوا على كاهلِهم مسؤوليّة النهضة والبناء، وهم مَن آثَروا التضحية بما يحبّونه لصالحِ أبنائهم وفلذّات أكبادهم، وتعتبرُ العناية بالمسنّين من واجباتِنا الدينيّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة، لكنْ، قد نجد الكثير من الأبناء ممّن لا يقابلون الإحسانَ بالإحسان، وإنما يعتبرون أنّ الأهل عالةٌ عليهم وحِملاً ثقيلاً على ظهورهم، وهم لا يعرفون أنّ رضا الله من رضا الوالديْن، فيضعُ الكثير منهم آباءهم وأمهاتِهم في دار المسنّين ظناً منهم أنّ الراحة في حياتهم بالاستغناء عن الأهل.
دار المسنّيندار المسنّين هي الدار التي تجمعُ عدداً من المسنّين في المكان نفسه، ممّن لا يجدون أحداً يرعاهم وينظرُ في مصالحِهم، لا سيّما ممّن لديهم بعض المشكلات الصحيّة وبحاجة للرعاية الطبيّة، ولكن المؤلم أنّ هناك عدداً كبيراً من المسنّين ممّن يتمتّعون بقدراتٍ عقليّةٍ عاليةٍ، ولكنّهم مجبرون على دخول دار المسنّين؛ حيث ليسَ لهمْ مَن يقوم بكفاية احتياجاتهم، وكثيراً ما نجدُ أنّ المسنّ ليس بحاجةٍ لأكثر من الحبّ والحنان، وتوجد دور المسنين في كلّ الدول الغربية والعربية، ولكنها تلاقي رواجاً أكثرَ في الدول الغربيّة.
حكم وضع الأهل في دار المسنينلا يعتبرُ وضع الأهل في دار المسنين من الأمور المحرّمة في الدين الإسلاميّ، ولكنْ حثّنا الدين كثيراًعلى رعايةِ الأهل والقيام بواجباتهم ووصلهم، لا الاستغناء عنهم عند حاجتهم إلينا، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء:23، 24]، فهذه الآية لهيَ خيرُ دليلٍ على واجب رعاية الأهل والاعتناء بهم، فحقوق الوالدين على الأبناء عظيمة، وبرّهم والإحسان إليهم واجبٌ لا مناصَ منه، والأصلُ هو رعاية الوالديْن في كبرهما وتعويضهما عن التعب والنصب الذي لاقياه في تربية أبنائهم وتكبيرهم، وتقديم الغالي والنّفيس في سبيل تعليمهم وجعلهم أفضلَ الناس.
دارُ المسنّين وضعت لمن لا راعيَ له، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إليه)، وهذا يعني برّ الوالدين والقيام بواجبهم حتى لو كانت الظروف قاسيةً، فقد ربّوا أبناءهم في أصعبِ الظروف أيضاً، ولم يشتكوا ذلك.
الخدمات التي تقدمهاالمقالات المتعلقة بموضوع عن دار المسنين