حثّنا ديننا الحنيف على طلب العلم في مواضع كثيرةٍ في القرآن والسنة، ففي القرآن ورد بقوله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة: 11]، وفي السنة النبويّة ورد بقوله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ ينتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو له) [صحيح]، فديننا العظيم حثنا على طلب العلم، والسعي إليه بكل ما أوتينا من قوة، وبيّن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وأول كلمةٍ وأمرٍ نزل إلينا من خالقنا كانت "اقرأ"، فلم تكن أول أمور ديننا هي أن نصلي أو نصوم أو نتصدق بل كانت إقرأ، وفي ذلك إشارةٌ واضحةٌ جليةٌ من رب العباد على أهمية العلم وفضله.
لا شك بأن فضل العلم وآثاره الإيجابية لا تقتصر على الفرد وحده فحسب، بل يعود فضله ويرجع إلى الأسرة والبيئة المحيطة والأمة، فالعلم أشبه ما يكون بالنحلة أينما تحل يعم الجمال والخير والنعمة، فالعلم يهذّب النفس ويقوّمها، ويرتقي بالفرد إلى أعلى المراتب في الدنيا قبل الآخرة، كما أنّه ينير قلب صاحبه ويملؤه حبا وخشية لخالق، الكون فمن عرف الله عن طريق العلم كانت مكانة الله أكبر وأعظم في قلبه ممن عرف الله عن طريق الموروث الديني، وبه يُعبد الله حق العبادة، وتعمّر الأرض كما أراد لها الخالق، وبه ترتقي الأمة لتصير رايةً عاليةً في سماء الكون، يخشاها كل الأعداء والمغرضين، وتشيّد حضاراتٌ وثقافات شعوبٍ عرفت قدر العلم وجعلته أساساً في حياتها.
العلماء هم ورثة الأنبياء، أثنى عليهم الله في كتابه العزيز في مواضع كثيرةٍ، بهم تعلو الأمة وتغدو كالدرّ بين الأمم، ولا ينقطع عملهم بعد مماتهم، ففضل علمهم بكل من تعلم ونهل من علمهم يصل إليهم بعد مماتهم، وتتنزل رحمة الله عليهم أينما حلّو، ويكثر أجرهم عند الله، وتصلح أعمالهم، ويستغفر لهم كلّ شيءٍ في الأرض، حتى النملة في جحرها تستغفر لهم، وتدعو لهم بالسداد والتوفيق، ويقذف الله نوراً في وجوههم، ويضع لهم الله مكانةً في الأرض وفي قلوب الناس.
يجب على كل فردٍ منا طلب العلم بالقراءة، والبحث، والتفكير، والالتحاق بالمنابر العلمية، والدورات، والأخذ عن العلماء الثقات وملازمتهم، وطلب العلم في كل وقتٍ وحين، وأن لا يقتصر طلب العلم على عمرٍ وسنٍّ محدّد فمن أراد عزّاً في الدنيا والآخرة لزم العلم، ومتابعة العلوم الجديدة التي تحدث تغيراً في حياة البشرية فالحكمة هي ضالة المؤمن، أنّى وجدها فهو أحق بها، ومتابعة كل ما من شأنه زيادة العلم والثقافة لدى الفرد، فوحده العلم هو القادر على رفعتنا جميعا وتطورنا وحمايتنا من كلّ من أراد بنا شراً أو كيداً.
المقالات المتعلقة بموضوع تعبير عن طلب العلم