ذبيح الله من الحقائق التاريخيّة التي أثيرت حولها الشبهات ولا سيّما من قبل اليهود حقيقة أنّ إسماعيل عليه السلام هو الذي رآه إبراهيم عليه السلام في المنام أنّه يذبحه، ومعلوم لدينا أنّ رؤيا الأنبياء حق، بمعنى أنّها وحي لهم من عند الله، فزَعَم اليهود بأنَّ الذبيح هو إسحق عليه السلام وهذا بخلاف ما تدل عليه أدلة القرآن الكريم الصريحة والتي تشير إلى أنَّ ذبيح الله هو إسماعيل عليه السلام، ولليهود في ذلك حججهم ولكنَّها تفتقر إلى المنطق السليم، وتضعف أمام قوَّة الدليل، وفيما يأتي عرض لبعض الأدلة على أنّ الذبيح هو إسماعيل عليه السلام وتفنيد مزاعم اليهود.
أدلّة أنّ الذبيح هو إسماعيل عليه السلام - ما جاء في سورة الصافّات وغيرها من المواضع حين سأل إبراهيم عليه السلام ربه أن يهب له من الصالحين، فبشّره سبحانه وتعالى بالغلام الحليم إسماعيل، ثمّ أمره سبحانه بأن يذبحه لتفوق محبَّة الخالق محبته لابنه.
- ما ذكرته التوراة: اذبح ابنك وحيدك، وفي ترجمة أخرى بكرك، وقد حرّف المحرفون بوضعهم لفظ إسحاق في سياق الكلام.
- إسحاق عليه السلام ترتيبه الثاني من أبناء إبراهيم عليه السلام وليس هو بكره ووحيده، وهذا باتفاق علماء المسلمين وأهل الكتاب كذلك، فليس هو بكره ولا وحيده، وإنّما وحيده وبكره إسماعيل عليه السلام.
- قوله تعالى بعد ذكر قصة الذبيح: ( وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) [الصافات: 112] وكذلك قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) [هود:71] ووجه الدلالة من البشارة لإبراهيم عليه السلام بإسحاق هو كيف يبشره الله بولد، وسيكون نبياً ثمَّ يأمره بذبحه ؟! أمّا بشارة سارة بإسحاق فسببها أنّها قد غارت من هاجر عندما ولدت إسماعيل، وكلا البشارتين لإبراهيم وسارة بإسحاق فيهما دليل صريح على أنَّ الذبيح هو إسماعيل عليه السلام.
- سارة لم تصبر بسبب الغيرة على وجود إسماعيل، فكيف يأمر الله سبحانه إبراهيم بذبح ولده إسحاق ويبقي على إسماعيل؟! وكيف تصبر سارة على ذبح ابنها وبقاء ابن ضرتها ؟! وكذلك كيف يأمر الله سبحانه إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه إسحاق علماً أنَّ أمّه مبشرة به وبابن ابنه يعقوب أيضاً.
موقفنا من القصص القرآني انتهاج القرآن الكريم لأسلوب القصَّة ليس لغرض الإمتاع والترف والتسلية، وإنّما لتحقيق أهداف تربويّة عظيمة، منها أخذ العبرة، والوقوف على حقائق الأمور، ذلك أنّ آيات القرآن الكريم لا يمكن التشكيك بها بحال من الأحوال، فهو الحق المبين، ويلزمنا إزاء ذلك كلّه أن نعيش مع النص القرآني لنتبين من خلاله الصواب في كل أمر مريب، ولا سيّما فيما يتعلق بالروايات الإسرائيليَّة التي يعتريها الكثير من التزوير والتحريف لحقائق الأشياء، ووقوفنا مع النص القرآني واستنادنا دائماً عليه يعصمنا من الزلل والانحراف، ومن ذلك مسألة من هو ذبيح الله، إسماعيل أم إسحق عليهما السلام.