يتداول النّاس كثيرًا في عصرنا الحاضر عبارة خير أجناد الأرض في معرض المناكفات السّياسيّة بين الدّول العربيّة، وفي ظلّ التّنافس السّلبي بين الجيوش العربيّة بدل التّعاون المُثمر الذي يؤدّي إلى تضافر جهود الأمّة واتحاد جيوشها لمواجهة أعدائها، فما هو أصل حديث خير أجناد الأرض ؟، وإذا سلّمنا بوجود هؤلاء الجند المنتجبين فمن يكونون ؟، وما هي الصّفات التي يتحلّون بها وتؤهّلهم ليكونوا خير أجناد الأرض ؟.
يستند عددٌ من النّاس إلى حديث ضعيفٍ عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم يقول فيه إنكّم ستفتحون مصر، فإذا فتحتموها فاتخذوا فيها جندًا كثيرة فإنّهم خير أجناد الأرض، والحقيقة إنّ هذا الحديث قد ضعّفه العلماء، ولم يصح عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام.
وفي المقابل فإنّ هناك روايات عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم تتحدّث عن أمور غيبيّة ففي إحداها يقول سيكون الأمر على أن تكونوا جندًا مجنّدة، جندٌ بالعراق وجندٌ بالشّام وجندٌ باليمن، فقيل يارسول الله فأيّهما تنصحنا، قال عليكم بالشّام فإنّها خيرة أرض الله يجبي إليها صفوته من عباده إلى آخر الحديث الشّريف، وهناك أحاديث في فضل الشّام وأهلها صحّت عن النّبي الكريم منها ذكر طائفة الحقّ حيث بيّن النّبي الكريم أنّها بالشّام وفي رواية عن الإمام أحمد تحديدٌ لها حيث ذكر أنّها ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس، ومن صفات تلك الطّائفة أنّها تظلّ ظاهرةً على الحقّ متمسكةً به قاهرةً لعدوّها، لا يضرّها من خالفها ولا من خذلها حتّى يأتيها أمر الله تعالى وهو النّصر وهي كذلك.
وبالتّالي يُعلم من ذلك أنّ ما صحّ عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام هو في فضائل الشّام وأهلها، ولا يعتدّ بحديث أنّ جند مصر هم خير أجناد الأرض لضعفه. وجنود الله تعالى الذين يسعون لنصرة دين الله ورفع راية الإسلام ولتكون كلمة الله هي العليا هم خير أجناد الأرض بلا شكّ في كلّ عصرٍ وزمان، وقد ذكر الله تعالى صفات القوم الذين يحبّهم ويحبّونه حيث قال جلّ وعلا ( يا أيّها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبّهم ويحبّونه أذلةً على المؤمنين أعزةً على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم )، وتلك الصّفات إذا اجتمعت في جندٍ من جنود الأرض فهم بلا شكّ من أفضل جنود الأرض بغض النّظر عن جنسيّتهم وموطنهم ذلك أنّ الله تعالى لا ينظر إلى صور العباد وألوانها وإنّما ينظر إلى قلوبها وأعمالها.
المقالات المتعلقة بمن هم خير جنود الأرض