يحاول الإنسان بشكلٍ مستمر التعرّف على أعماق ذاته لتحديد توجهاتها وملامح شخصيّته، وتكون تلك المحاولة ملحّة في مرحلة المراهقة من عمر الإنسان، وتستمرّ حاجاته هذه لباقي مراحل حياته، وذلك تبعاً للتغييرات التي تطرأ عليه وعلى بيئته، وبذلك يعتبر مفهوم الذات هو مركز الشخصيّة الإنسانيّة وتكوينها وبناؤها.
أوضح علماء النفس الأوائل بأنّ المجتمع ما هو إلا مرآة يرى الفرد ذاته فيها، فعرّفوا الذات على أنّها كلّ ما يشار إليها في الكلام بضمير المتكلّم (كياء المتكلّم وأنا الفاعلة).
علماء النفس ومفهوم الذاتيعتبر عالم النفس وليم جيمس من أوائل العلماء الذين وضعوا مفهوم الذات في مرتبة الصدارة في أبحاثهم، فقد رأى بأنّ الذات هي عبارة عن المجموع الكلّي لكل ما يمكن للإنسان أن يراه بأنه له، وقد حدد جيمس ثلاثة أنواعٍ للذات، وهي:
قام العالم جيمس بتنظيم أسلوب فهم الذات على شكلٍ أفقي ذي بُعدين، متمثلاً بالوجهين الأمامي والجانبي لمكعّبٍ ما، بحيث قسّم الذات في الوجه الأمامي للمكعّب إلى عناصر أربعة، وهي الجسدي، والنفسي، والاجتماعي، والعملي، وقد أوضح بأنّ هذه العناصر هي التي تحدّد ذات الإنسان، وتمّ تعريفها على أنّها (الشكل الفريد للطروحات الشخصيّة). أمّا الوجه الثاني للمكعّب (الجانبي) فقد حلّله إلى ثلاث مراحل للإدراك الذاتي، وهي الاستمراريّة، والتمييز، والقوّة الفاعلة.
الأطر النظريّة لمفهوم الذاتتعددت الأطر النظريّة لمفهوم الذات، وهي:
رأى (فرنون) بأنّ الذات تتخذ شكل مستوياتٍ متدرّجة من الأعلى للأسفل في ضوء ما تتضمنه هذه الذات من محتوياتٍ شعوريّة ولا شعوريّة، حيث إنها تتكوّن في المستوى الأعلى من ذواتٍ فرعيةٍ اجتماعيّةٍ عامة، تأتي بعدها الذات الشعوريّة الخاصّة، والتي تتكوّن من (الذات المدركة)، والتي يستطيع الإنسان التعبير عنها بشكلٍ لفظي، و(الذات البعيدة) والتي يستشعرها الإنسان عن طريق التوجيه والإرشاد النفسي، ثم تأتي (الذات العميقة) ويطلق عليها الذات المكبوتة في نهاية هذا التدرّج، وهذه الذات لا يمكن الكشف عنها إلا من خلال التحليل النفسي.
توجد لمفهوم الذات جوانب ظاهريّة واقعة في موضعٍ ما من (الوضوح الشعوري)، وجانب أخرى غير ظاهر بحيث لا يعيها الفرد أو يشعر بها، ومن هنا فإنّ المقصود من مفهوم الذات هو فكرة الفرد عن نفسه، إضافةً إلى كافة اتجاهاته نحو ذاته.
المقالات المتعلقة بمفهوم الذات في علم النفس