يُعدّ الحديث النّبويّ الشّريف المرجعَ الثّاني من مصادر التّشريع الإسلاميّ بعد كتاب الله تعالى القرآن الكريم، وقد أوْلت الأمّة الإسلاميّة والعلماء المسلمون على مرّ التّاريخ اهتمامًا كبيراً بالحديث النّبويّ الشّريف والسنّة النّبويّة المطهّرة، فما هو مفهوم الحديث الشّريف؟ وما هي أهميّته؟ ومتى جُمِع؟
مفهوم الحديث الشّريفيُشير مفهوم الحديث النّبويّ الشّريف إلى كلّ ما صدر عن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفة؛ فأقوال النبيّ الكريم هي كلامه وحديثه، والتي هي حقّ جميعها لا يأتيها الباطل من بين يديها؛ لأنّ مصدر هذا الحديث هو الوحي. قال تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) [النّجم: 3-4]، أمّا أفعاله فهي كذلك جزءٌ من الحديث الشّريف ومنها صلاتُه وكيفيّتها، والتّقرير معناه أن يتكلّم الصّحابيّ بكلامٍ عن مسألة معيّنة أمام رسول الله عليه الصّلاة والسّلام فيسكت، فيكون ذلك إقراراً على صحّتها، أمّا الصّفة فهي تشتمل على الصّفة الخَلقيّة التي تتضمّن وصفًا خَلقيّاً لهيئة النّبي الكريم وسِمته، والخُلقيّة وتتضمّن وصفاً لكريم أخلاقه وصفاته.
أهميّة الحديث الشّريفعلى الرّغم من أهميّة الحديث النّبويّ الشّريف إلاّ أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام نهى عن كتابته وتدوينه في عصره، وقد كان السّبب في ذلك خشيةً من اختلاط الحديث بالقرآن، فكانت جهود الصّحابة الكرام منصبّةً على كتابة الوحي وتلقّيه من رسول الله، وحفظه في الصّدور، وكتابته أحيانًا على الرّقاع وسعف النّخل، ثمّ في عهد الفاروق رضي الله عنه كانت هناك محاولات لجمع الحديث، ثمّ عدل الفاروق عنها حرصًا على القرآن أيضًا.
عَرَف تاريخ الحديث الشّريف أوّل محاولةٍ حقيقيّة لجمع الحديث عندما قام الإمام محمّد بن شهاب الزّهري في عهد الخليفة الأمويّ عمر بن عبد العزيز بجمع الحديث بناءً على تشجيع الخليفة، وقد كان ذلك في القرن الثّاني الهجريّ، أمّا من صنّف الحديث الشّريف تصنيفاً علميّاً مُحكَماً وأفرد لذلك كتاباً جامعاً وجعل له أبواباً فكان الإمام البخاريّ في أوائل القرن الثّالث الهجريّ؛ حيث شرع في جمع الحديث النّبويّ الشّريف، ودراسة حال رواته وسنده حتّى جمع ما يقارب سبعة آلاف حديث صحيح، استبعد منها آلاف الأحاديث التي شكّ في صحّة متنها وسندها، أو عدالة رواتها.
المقالات المتعلقة بمفهوم الحديث الشريف