عرف الإنسان الفسلفة منذ القدم فتتحدث كتب التاريخ عن أول بدايات ظهور المتكلّمين بالفلسفة ما بين القرن الخامس والتاسع قبل الميلاد في اليونان وتحديداً في مدينة أثينا حيث ظهر عدد من الفلاسفة الذين تكلموا وبحثوا في أصل الوجود وما وراء الطبيعة وما يطلق عليه بالميتافيزيقيا، وأصل كلمة الفسلفة يعود إلى العالم اليوناني فيثاغورس الذي تنسب إليه الفلسلفة وهو أول من أطلق مسمّى الفيلسوف على من يشتغل بالفلسفة أو يتكلم بها، وهي تعني محب الحكمة، وقد ساهمت عوامل كثيرة في جعل اليونان وأثينا تحديداً مكاناً تزدهر فيه الفلسفة منها عوامل جغرافية حيث تطلّ اليونان على البحر الأبيض المتوسط حيث تشكل حلقة وصل بين عدد من البلدن في الشرق والغرب، وساهم امتلاك اليونان في مرحلة من المراحل لاسطول بحري متقدّم في إنعاش حركة التجارة البينية بينها وبين دول المتوسط وبالتالي الاطلاع على ثقافات تلك الشعوب والتعرف على أفكارها والاستفادة منها لتشكيل ذخيرة فكرية وفلسلفية، كما ساهم التحول اليوناني نحو الديمقراطية في إعطاء هامش حرية مهم للمفكرين الذين تمكنوا وبكل حرية من طرح أفكارهم حول الكون والحياة والمعرفة، ويمكن إجمال نشأة الفلسفة في ثلاث مراحل هي:
- مرحلة النشأة الأولى حيث كانت هذه المرحلة تتسم بأنّها مرحلة كان المفكرون فيها ينظرون إلى الكون نظرة مادية بحتة غير مبنية على تصارع الأفكار والوصول إلى الاستنتاجات بالاعتماد على الحجة أو البرهان العلمي، وقد ظهرت تلك الفلسفة في مدينة ملطية وكان أبرز اصحاب هذه المدرسة المفكّر طاليس وأنكسمندرس، ويطلق على هذه المدرسة أيضاً بالمدرسة الطبيعية والتي أنكرت وجود خالق لهذا الكون، وكانت نظرتها حسية بحته.
- ثم جاءت المدرسة الفيثاغورسية التي أسسا العالم اليوناني فيثاغورس وكانت مدرسة رائدة بكل المقايييس وأعطت الفسلفة معناها الحقيقي، وكانت هذه المدرسة مدرسة شمولية تنظر إلى الكون والحياة بجميع جوانبها الطبية والعلمية حيث ركّزت على علوم الرياضيات والبحث العلمي، ولم تغفل الجانب السياسي للدولة حيث تأطير دولة المؤسسات وتنظيمها على الوجه الأكمل.
- ثم جاء سقراط ليتحول بمنهج الفلسفة إلى دراسة الإنسان والحياة الدنيوية من بعد أن ذهبت الفلسفة بعيدا على يد السفسطائيين الذين كانوا يرون الشك منهجاً لهم في النظر الكون وما وراء الطبيعة، حيث ركز سقراط على الجانب العلمي المعتمد على البرهان والمنطق للوصول إلى الحقيقة، ثم تبعه في ذلك أفلاطون الذي ركّز على المثاليات ثم أرسطو الذي أعطى للفلسفة المعنى الأشمل حيث أدخلها في جميع جوانب المعرفة والعلوم والسياسة وغير ذلك.