بعث الله سبحانه وتعالى نبيّه محمَّدًا صلى الله عليه وسلم وفرض عليه الصَّلاة وجعل من شروط صحة الصَّلاة استقبال القِبلة؛ فكانت قِبلة النّبي صلى الله عليه وسلم والصَّحابة معه نحو بيت المقدس؛ فكانوا يتوجهون إليه في كُلِّ صلاةٍ، لكن الرَّسول الكريم وهو الذي يرى الكعبة المُشرّفة قِبلة إبراهيم عليه السَّلام بُكرةً وعشيّةً ويُصلِّي عندها يتمنى أنْ يتجه في صلاته نحو الكعبة، لكنّ الأمر الإلهيّ لم يكنْ قد أوحي إليه بعد؛ فاستمر باستقبال بيت المقدس طوال فترة دعوته في مكّة، وقال في ذلك البراء بن عازب رضي الله عنه:"وكان يُحب أنْ يوجّه إلى الكعبة".
جاء الأمر الإلهيّ للنّبي الكريم بالهِجرة من مكّة إلى المدينة؛ فنزل فيها وبنى المسجد النَّبويّ وشُرع الأذان وما زالت قبلة المسلمين شمالًا نحو بيت المقدس، وبعد مضي سنةٍ وخمسة أشهرٍ أو ستةٍ أشهر على الهِجرة المباركة جاء الأمر الرَّبانيّ لتحقيق أمنيةٍ عزيزةٍ على قلب النّبي صلى الله عليه وسلم بتحويل قِبلة المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة المُشرفة في البيت الحرام بمكّة.
اختلف الرُّواة في تحديد اليوم الذي نزلت فيه آية تحويل القِبلة؛ فقيل: في اليوم السَّابع عشر من شهر رجب، وقيل: في اليوم الثَّامن من شهر مُحرَّم من السَّنة الثَّانية للهجرة خلال أداء المسلمين لصلاة الظهر؛ فصلّوا أول الصلاة باتجاه بيت المقدس وعندما نزلت الآية على الرسول صلى الله عليه وسلم تحول نحو الكعبة وهو في صلاته؛ فتبعه المسلمون، وكانت أول صلاة نحو الكعبة هي صلاة العصر، قال تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ).
الحكمة من تحويل القِبلةالأمر الرَّبانيّ يكون عادةً لحِكمةٍ لا يعلمها إلا الله، وإنْ أدرك الإنسان جزءًا يسيرًا منها؛ فهو من باب عِلم الإنسان المحدود الذي منحه الله إياه؛ فيجب القبول بكلِّ ما جاء من عند الله دون السُّؤال عن الأسباب، ولعلّ من حكمته في التَّحويل ما يلي:
المقالات المتعلقة بمتى تم تحويل القبلة