في منتصفِ العقد الخمسين من القرن الماضي، وفي عام (1956م) بالتحديد، شنَّت ثلاثُ قواتٍ عسكريةٍ كبيرةٍ هجوماً على مصر، وهي (إنجلترا، فرنسا، إسرائيل)، وقد سُمي بالعدوان الثلاثي على مصر، راحَ ضحية هذا العدوان ما يُقارب على السبعمائةِ شهيد، وقد ذَكرَ التاريخُ عن أسبابِ هذا العدوان أنَّه بسبب قيام الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر بنقلِ ملكية قناة السويس من الدولة الفرنسية إلى جمهورية مصر العربية، فيما عُرِفَ بتأميمِ قناة السويس، فما هي قناة السويس؟ وما مدى أهميتها على الصعيد الإقليمي والعالمي؟
محتوياتهي عبارة عن ممرٍ مائي بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، تم حفره صناعياً في جمهورية مصر العربية؛ وذلك لتسهيل حركة مرور السفن من أوروبا والأمريكيتين، إلى دول أسيا وخصوصاً شرقها، دون الحاجة لرحلةٍ طويلة مفادها عبور طريق رأس الرجاء الصالح.
أهمية قناة السويسقناة السويس مهمة جداً لجمهورية مصر العربية، حيث إنّ إيراداتها تنعش الاقتصاد في مصر، فبلغت إيراداتها في العام العاشر بعد الألفية الثانية إلى نحو أربعة مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل ثمانية وعشرين مليار جنيه مصري، وفي العام الثالث عشر بعد الألفين بلغت إيراداتها نحو خمسة مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل خمسة وثلاثين مليار جنيه مصري، إلى جانب ذلك تعتبر القناة أهم ممر مائي في العالم، ويعود ذلك للأسباب التالية:
لم تكنْ فكرةُ إنشاء قناةٍ تربطُ بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر فكرة جديدة على المهندسين في مصر، وذلك لموقع مصر الجغرافي وأنّها تتوسط ثلاث قارات، ورغم المحاولات القديمة المتعددة، إلاَّ أن فكرة الحفر كانت لا تتم؛ بسبب الاعتقاد أنَّ البحر الأحمر يعلو البحر المتوسط بثلاثة أقدام، ممّا قد يتسبب في طغيان مائي، ولكن وفي العام ألف وثمانمائة وأربعين (1840م)، أزالَ المهندس (لينان دي بلفون) هذه المخاوف، وقام بوضع خطة لإنشاء ممر مائي بين البحرين (الأحمر والمتوسط)، ولما تولَّى محمد سعيد باشا الحكم في مصر، كان ذلك في العام ألف وثمانمائة وستة وخمسون (1856م)، أصدر فرمان عقدِ امتياز قناة السويس، ففيه إذنُ البدءِ في حفر قناة السويس، وحق امتياز للشركة القائمة على العمل مدته تسع وتسعون عاما من تاريخ افتتاح القناة، ولم يبدأ الحفر فعلياً؛ بسبب التدخل الإنجليزي، حيث قلقت إنجلترا على مصالحها في مستعمراتها بالهند، ثم ظهرَ عقد الامتياز الثاني، ثم تأسست شركة قناة السويس، وأنشأ قانونها، ليتم الحفر بعد حفل افتتاح بسيط، وذلك في الخامس والعشرين من نيسان/ ابريل للعام التاسع والخمسون بعد الألف والثمانمائة ( 25-4-1859م).
حقائق وإحصائيات عن حفر قناة السويسفي السادس والعشرين من شهرِ يوليو للعام ألف وتسعمائة وستة وخمسين، خرجَ الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بخطابٍ للشعب، وفيه أعلنَ قرار تأميم قناة السويس، ونْقل ملكيّتها من الحكومة الفرنسية إلى جمهورية مصر العربية، وبالتالي تحويلها إلى شركة مصرية مُساهمة، قرارٌ أشعلَ الأجواء السياسية، ولم تتقبل كلٌّ من فرنسا وإنجلترا هذا القرار؛ لأنه تسبب بخسائر مادية فادحة لهم، حيث إنّ إنجلترا كانت تملك ما نسبته 44% من أسهم القناة التي باعها لها الخديوي اسماعيل، وقد ترتب على هذا القرار العدوان الثلاثي على مصر كما أشرنا سابقاً، ولكن ما هي السباب وراء قرار الرئيس عبد الناصر؟
أسباب قرار التأميمقد سبق قرار التأميم عدة أسباب جعلت عبد الناصر يتخذ هذا القرار، وأهم هذه الأسباب:
لقد كان من المتوقع أن يحدث رفض دولي على هذا القرار، وبالتالي كان متوقعاً أن يتم هجوم عسكري على مصر خصوصاً من قبل إنجلترا وفرنسا، خصوصاً بعد مساعدة مصر للثوار الجزائريين ضد الاحتلال الفرنسي، ولكن هناك ظروف شجعت الرئيس عبد الناصر لاتخاذ قرار التأميم، وهي:
لقد تم في عهد الرئيس المصري محمد حسني مبارك طرح مشروع مخطط لتوسيع قناة السويس، ولكن الأمر لم يتم، ثم طرح الأمر في عهد الرئيس المصري محمد مرسي، لكن الأمر لم يتم أيضا، وفي عهد الرئيس الحالي لمصر عبد الفتاح السيسي تم طرح المخطط، فوجد قبولاً على الصعيد الرئاسي والشعبي، وهو مشروع جديد يهدف إلى إنشاء قناة موازية لقناة السويس الأصلية، وتحويل منطقة قناة السويس إلى مركز صناعي ولوجستي، بحيث يبلغ طول القناة الموازية للقناة الأصلية اثنان وسبعون كيلو مترا، بتكلفة متوقعة قد تصل إلى أربعة مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أيضاً أن يتم توفير مليون ونصف فرصة عمل في المشروع، على أن يتم الانتهاء من الحفر في مدة أقصاها ثلاث سنوات، وقد بدأت العمل في المشروع فعلياً في العام ألفين وأربعة عشر.
المقالات المتعلقة بما هي قناة السويس