تنتقل المعرفة البشرية المكتسبة والمتحصلة عبر التجارب الحياتية وحب الاطلاع على تجارب الغير واكتسابها والاستفادة منها، وتكتسب أيضاً بالقراءة والتنور، وتنقل عن طريق التأليف والكتابة، فهي سلسلة متصلة، عندما يقرأ الإنسان كتاباً معيناً فهو بذلك يتحصل على خبرة المؤلف ومعلوماته التي قد يحتاج لوقت طويل جداً لتحصيلها بنفسه، لذلك فالقراء والكتابة هما الوسيلتان لنقل المعارف والعلوم والخبرات والتجارب . في عصرنا الحالي ظهرت وسائل جديدة لنقل الخبرات وهي عن طريق التسجيلات الصوتية ومقاطع الفيديو ولكنها في حقيقة الأمر لا تغني بشكل كامل عن تحصيل المعرفة عن طريق القراءة والكتب ، إذ إن هذه الطرق توفر كماً هائلاً من المعلومات لا يتسطيع التسجيل الصوتي أو الفيديو توفيرها.
تتعدد اللغات البشرية على امتداد العالم أجمع، فاللغات المحكية أكثر من أن تعد أو تحصى فهناك العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية والألمانية والإسبانية والإيطالية والهنجارية والبلغارية والتركية والعبرية والصينية واليابانية والهندية والمالية ولغة الأوردو ولغة البنغال ولغة التاميل وغيرها العديد من اللغات واللهجات والتي يصعب عدها وإحصاؤها.
لا يشترط في المؤلف الإحاطة بكافة اللغات وكافة القواعد لتدوين أفكاره ليستفيد منها من يريد أن يقرأ مؤلفاته، فربما لا يحيط الكاتب إلا بلغته الأم وربما بلغتين أو ثلاث لغات أو أربع أو خمس لغات، فكلما زادت عدد اللغات التي يتقنها الشخص كلما كان ذلك أفضل له ولغيره أي لاكتساب المعرفة ونقلها.
يختلف البشر في قدراتهم وأوقات فراغهم، فلا يتسطيع الجميع الإحاطة بعدد من اللغات، ولكنهم قد يرغبون بمعرفة العلوم والمعارف والخبارت المدونة بلغات اخرى غير لغاتهم الأصلية، من هنا جاءت ضرورة الترجمة والتي تعني تحويل الكلام أو الكتابة من لغتها الأصلية إلى اللغات الأخرى، فازدهار حركة الترجمة إلى لغة معينة مؤشر جيد على تعطش أصحاب اللغة المترجم إليها للمعرفة، وهي مظهر حضاري جميل جداً، وهو السبيل إلى تطوير العلوم والمعارف لتعظيم الاستفادة منها، وتلبية كافة الاحتياجات الإنسانية والتي تتعلق بها. فقد كان الناس في الحضارة العربية والإسلامية في عصورها الذهبية يتسابقون إلى الترجمة من كافة اللغات الموجودة آنذاك لذلك فقد أسهمت هذه الحضارة في تطوير العلوم المختلفة، حيث أنها كانت تعتبر حلقة الوصل بين العلوم القديمة والعلوم الحديثة، فلولاها لم توجد المعارف والعلوم في شكلها الحالي ولتوقفت العجلة التقدم الإنساني إلى ما قبل 1500 سنة.
ولكن وعلى الرغم من أهمية الترجمة في نقل المعارف والعلوم والخبرات بين أجناس البشر إلا أنها تفقد النصوص الأصلية محتوياتها وتضعف الأفكار التي كان المؤلف يحاول إيصالها إن لم يكن المترجم متمكناً ومحيطاً بقواعد اللغتين وخصوصاً في النصوص العلمية الحساسة كالنصوص الطبية والهندسية، أو النصوص الأدبية.
المقالات المتعلقة بما هي الترجمة