خُصت أوقات في النهار دون غيرها بالبركة والخير العظيم، فيجب على أولي النُهى والألباب اغتنامها؛ ففيها خير في الدنيا والآخرة، ومن هذه الأوقات وقت ما بعد الفجر ووقت السحر. الغالبيّة العُظمى من الناس أهملوا هذين الوقتين بالذات مع علمهم ببركتهما، وناموا عنهما، والأدهى من ذلك والعياذ بالله تعالى ربّما استغلوا هذين الوقتين بالمعاصي والملاهي الليلية، فالله أكرمنا بهما وأرشدنا للعمل والطاعة بهما، وهم اجترحوا الكبائر ونالوا غضب الله تعالى فوق ذلك.
وقت السحرهو الثلث الأخير من الليل إلى أن يطلع الفجر، ويطلق أيضاً على وقت ما قبل طلوع الفجر الصادق، وفي هذا الوقت ينزل الله عز وجل كل ليلة وهو الغني عنا ونحن الفقراء إليه، ويقول: هل من داعٍ فأستجيب له، هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له، فهل بعد كل هذا نفرط بوقت السحر، ونستسلم للنوم ولحب الفراش الوثير، ونصم آذاننا عن هذا النداء العظيم من الرب الكريم، فمن منّا ليست له حاجة، وهو حين يسأل لن يسأل عبداً لئيماً قد يردّه أو يوبّخه؛ بل يسأل رباً عظيماً لا تنفذ خزائنه، يُعطي بغير حساب، والله لا يرد عبداً رفع يديه يدعوه فيرده خائباً صفر اليدين، بل يعطيه ويجزل له العطاء في الدنيا والآخرة، حتى إنّ ظنّ العبد أنه لم يُستجب له؛ فلحكمة من الله عزّ وجل قد ادخرها له ليوم القيامة، حتى إذا جاء يوم القيامة ورأى كيف عوّضه الله عنها، لقال ليتك يا رب لم تستجب لي دعواتي في الدنيا، وبقيت لي حتى ألقاك.
استغلال وقت السحربعد هذا كله تتنزل الرحمات والسكينة والتجليات من الله تعالى، وتنهمر الدموع من خشية الله؛ فيشعر المسلم بالسعادة والسكينة تغمره، والراحة تملأ قلبه، ويعتلي وجهه النور فقد خلا بالكريم فاكتسب نوراً من نوره، ويُلاحظ تيسير أموره في النهار، فيصبح الاستيقاظ في هذا الوقت واستغلاله ديدنة ودأبة، وهذه صفة العباد الصالحين المتقين.
المقالات المتعلقة بما هو وقت السحر