سنّ اليأس أو (الإياس) هو مصطلح خاص بالنساء، فهو يعني انقطاع الدورة الشهرية عند المرأة، فيقلّ إنتاج المبيض من البويضات تدريجيا حتّى يتوقف تمام، ويحدث ذلك ما بين سنّ الخامسة والأربعين وسنّ الخامسة والخمسين. وفي بداية سنّ اليأس أو قبل سنّ اليأس بقليل يحدث عدم انتظام في الدورة الشهرية، فقد تنقطع الدورة شهرين في بداية الأمر، ثمّ تزداد مدة الانقطاع شيئاً فشيئاً إلى أن تصل إلى ستة أشهر، وهكذا حتى تنقطع نهائيا، ويذكر المختصون أنّ الوصول إلى سنّ اليأس قد يأتي فجأة دون أي انقطاع، وقد يكون لأسباب أخرى كإصابة المرأة بالأورام السرطانية أو عجز مبكر في المبيض، وقد ذكر الأطباء عددا من الأعراض التي تدلل على دخول المرأة مرحلة اليأس، منها ارتفاع في الحرارة بصورة متقطعة، وكآبة وقلق وآلام عند الجماع وغيرها من الأعراض.
وبغض النظر عن المعنى العلمي لسنّ اليأس وأعراضه فإنّ هذا الأمر له بديل آخر وهو الشيخوخة، أي بداية تراجع قوة الإنسان ذكرا أو أنثى، والأولى أن يبتعد الباحثون والدارسون عن مثل هذه التسمية، فاليأس لا علاقة له بعمر معين؛ فقد يكبل اليأس شابا في مقتبل العمر، بينما تجد امرأة عجوزا تضحك إلى الدنيا غير مبالية بشيء، مما يعني أنّه ليس حكمة أن يربط اليأس بالعمر. أمّا عن عجز المرأة عن الإنجاب فهذا أمر طبيعي عندما يتقدم الإنسان في مضمار العمر ويقترب من خطّ النهاية يبدأ بالشعور بالتعب تماما كالعداء الذي تخور قواه عندما يقطع المسافات ويقترب من خط النهاية، يكون في آخر اللحظات في قمة النصب والتعب، وهذا الحكم لا ينطبق على النساء وحدهن، بل على كلّ مخلوق في الحياة الدنيا، فإذا كانوا يسمون توقف المرأة عن الإنجاب سنّ اليأس فماذا سيسمون عجز الإنسان عن الحركة، وحاجته إلى غيره للقيام بأعماله من أكل وشرب ولباس، هل نسميه سنّ الموت؟!
و أمّا عن الأعراض فهي أعجب؛ فهل الكأبةأوالقلق أعراض خاصة لمرض أو لسنّ معين أو حتى ارتفاع درجة الحرارة؟! إنّ اليأس مسألة نفسية تصيب الإنسان في مرحلة من العمر، قد يكون الإنسان الكبير في العمر أو الذي يطرق باب الشيخوخة أو الذي يسكن في كهف الشيخوخة أكثر عرضة للشعور باليأس والإحباط، ولكن يجب أن يفهم كلّ الإنسان ويقتنع قناعة أكيدة أنّ العمل والإنجاز لا يرتبطان بعمر، و أن التفاؤل يجب أن يظل مرسوما على صفحات كتاب العمر، حتى آخر صفحة.
إنّ التجارب والشواهد تبيّن أن العمر وانقضاء السنون لا يكون عائقا ولا حاجزا يمنع التفاؤل والإنجاز، فالقائد المسلم يوسف بن تاشفين كان يقاتل الأعداء ويجابههم وقد بلغ المئة من عمره، وهذا سقراط الفيلسوف اليوناني طلب تعلم العزف على الآلات الموسيقية بعد أن ترك الثمانين من عمره، واستطاع الشاعر جوته أن يبدع ويظهر للعالم رائعته (فاوست) وهو في الثمانين لا شكّ أن كثيرين قد سمعوا أو قرؤوا عن تلك السيدة الأمريكية التي حازت شهادة الماجستير في سن الثامنة والتسعين! تصوروا!
وصول الإنسان إلى الخمسين أو الستين أو المئة لا يعني بأي حال الوصول إلى الإحباط واليأس، ولعلّ في حديث النبي الأكرم : "إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل" ما يدعو إلى نبذ اليأس وزرع الأمل في طريقك وطريق الآخرين. كما أن إصابة الإنسان بضعف أو مرض لا يعني قعوده وانعزاله عن الناس والحياة، لأنّ الضعف والمرض أمر متوقع، وهي أسباب تطيح بالكثيرين في مستنقعات الخوف والقلق و الاضطراب والقنوط و تغير طعم الكلمات الصادرة من الفم، واستكانة الكلمات الواقفة على أبواب الآذان.
المقالات المتعلقة بما هو سن اليأس