الطغيان البشريُّ ليس له حدود، و"الغاية تبرر الوسيلة" هي منهج السياسيين وبعض المختلين عقلياً من الدكتاتوريون و ضباط الجيوش، و هي طريقهم الذي يسلكونه، فالتدمير والإعاثة فساداً في الأرض ما هما إلا نتائج متوقعة لأهدافهم، أما إزهاق الأرواح البشريِّة البريئة فهم يعُدُّونها كأرقام؛ مات هنا ألف، وهناك خمسمئة، أما في المنطقة المنكوبة فمات خمسون ألفاً، وقد تصل الأرقام إلى الملايين، كما حدث في الحروب العالمية.
فالحرب ببساطة شديدة غير مُعقَّدة، هي الصراع والاقتتال المسلح بين الجماعات والدول والكيانات التي لا يوجد تناغم وتوافق بينها. ففي العصور القديمة لم تصل أبشع الحروب إلى عشر ما وصلت إليه أبسط الحروب في عصرنا هذا، فالحروب في العصور القديمة كانت تتمثل بغارات لأعداد محودة من جماعةٍ على جماعةٍ أخرى، كما كان يحدث في شبه الجزيرة العربية قبل مجئ الإسلام، أمَّا في الحروب الدولية القديمة فقد كان الجيشان في الغالب يلتقيان في مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية، فيتقاتلون ويُذبِّح كلٌّ منهما الآخر. أمَا ما تشهده الحروب حالياً من إبادات جماعية وبالجملة، عن طريق استخدام القنابل والأسلحة الكيماوية و العنقودية و الصواريخ والطائرات وغيرها من الأسلحة المُحرَّمة دولياً فهذا شئٌ لم تعهده البشرية من قبل، حيث أنه لا يوجد مأوى ولا ملجأ يستطيع الحماية من هذه الأسلحة إلا الله، وذلك بسبب اتساع مدى تأثيرها مكانياً الذي قد يمتد إلى مئات أو آلاف الكيلومترات والتي قد تشمل أيضاً الدول التي ليس لها ناقة ولا جمل في هذه الحرب، هذا عدا عن امتدادها الزماني وظهور الأمراض والعاهات في الأجيال اللاحقة.
أمّا دوافع الحروب فحدِّث ولا حرج، إذ إنِّها تمثل في الغالب الدناءة والخسة والوضاعة بأحقر الأشكال، فقد تكون الدوافع اقتصادية؛ دولة محدودة الموارد ولكنها تمتلك الأموال والقوة وتوفر الحياة الكريمة لشعبها، فتضع عينها على الدول ذات الموارد غير المستغلة، فتهجم عليها بحجة الإنقاذ من الجهل والرجعية وبحجة التعليم، فتستنزف مواردها وتترك شعبها في حالةٍ يرثى لها. وهناك الدافع التوسعي والذي تطمح من خلاله الدولة إلى توسيع رقعة أرضها، وفي الغالب تكون الرغبة في التوسع نابعة من رغبة الحاكم في ازدياد نفوذه وتسلطه فيُدخل الدولة في الحروب.
وهناك حالة ظهرت في العصر الحديث حيث كان هناك وجود لجماعة معينة بشكلٍ متفرق ومبعثر في مختلف الدول فأرادوا إنشاء دولتهم الخاصة على حساب شعب آخر مسالم يعيش حياة هانئة على أرضه، فشنوا عليه الحرب ونكلوا بأهله وهجروه لإقامة دولته المزعومة ... أظن أن الجميع يعرف مأساة الشعب الفلسطيني.
اتحاد الأمم لضمان وقف الحروب غايةٌ أساسية، فقد آن الأوان لوقف التعجرف والطمع البشري الذي يهدد الشعوب والأمم.
المقالات المتعلقة بما هو الحرب