فضل الله سبحانه و تعالى أوقاتاً لعبادته و ذكره و مناجاته ، تفيض فيها رحمات الله و تكون باباً مفتوحاً لقبول التّوبة و إجابة الدّعاء و قضاء الحاجات ، فكلّ بني آدم مفتقرٌ إلى ربّه سبحانه في كلّ أمره ، فقد تصيبه مصيبةٌ يحزن فيها و يصيبه الكرب العظيم ، أو قد يعمل سيئةً و يشعر بضيقٍ بسبب ارتكابها فيحتاج إلى تنفيس ذلك بالإستغفار و التّوبة إلى الله تعالى ، فالعبد يلجأ إلى ربّه يناجيه و يستغفره و يطلب منه الرّحمة و الغفران و الفرج بعد الشّدّة .
و قد خصّص الله ثلث الله الأخير ليكون فرصةً لمن يريد التّعرض لنفحات رحمته ، فإذا حلّ ثلث الليل الأخير تنزّل الله إلى السّماء الدّنيا منادياً سبحانه ألا هل من داعٍ فأجيبه ، ألا هل من مستغفر فأغفر له ، فالمؤمن الكيّس الحكيم يتحرّى هذه السّاعة في كلّ ليلةٍ ليقوم من نومه يتوضّأ ثمّ يصلّي ما كتبه الله له ، و يدعو الرّحمن جلّ و علا .
و إنّ لساعات القيام لذةٌ عجيبةٌ ، فالمؤمن حين يناجي ربّه يستشعر عظمة من يقف أمامه ، فترى دمعات الخشية تنحدر من عينيه و تسقط على وجنتيه ، فالنّفس في تلك السّاعات تكون رقيقةً لقربها من خالقها سبحانه ، و قد حرّم الله عينان على النّار ، عينٌ بكت من خشية الله ، و عينٌ باتت تحرس في سبيل الله .
و لو تكلّمنا عن أجر القيام لقلنا أنّ أجره كبيرٌ و لا ريب ، لأنّ المسلم حين ينام يعقد الشّيطان على رأسه ثلاث عقدٍ ، و إنّ فكّ هذه العقد يحتاج إلى روحٍ إيمانيةٍ و عزيمةٍ قويةٍ ، فالمؤمن ينتظر ساعات الليل ليصلّي ما تيسّر له من الرّكعات و ليبتهل إلى مولاه ، فمن عمل ذلك و تغلّب على شهوات نفسه و حبّها للدّعة و الرّاحة كتب من القانتين القوّامين المستغفرين بالأسحار ، و كان من المقرّبين إلى الله سبحانه و من المرشّحين لنيل محبته ، ففي الحديث القدسيّ أنّه ما يزال عبدي يتقرّب إلى بالنّوافل حتّى أحبّه إلى آخر الحديث ، و كذلك ما يتحصّل عليه المؤمن من الحسنات كأجرٍ له على قيام الليل ، و إنّ الغافل الذي يترك الصّلاة فينام حتّى يصبح ، فقد شبه الرّسول صلّى الله عليه و سلّم كشخصٍ بال الشّيطان في أذنيه ، فالمسلم حريصٌ دوماً على أن يقوم الليل و لو بركعتين بإخلاص قلبٍ و نيةٍ .
المقالات المتعلقة بما هو اجر قيام الليل