بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. أما بعد،
إنّ الوقف الإسلامي هو باب من أبواب البر والمعروف والإحسان المتاحة للمسلم، والتي يتمكن عن طريقها من التقرب إلى الله عز وجل، وينال من عنده الأجر والثواب، ومن معاني الوقف في اللغة: الحبس والمنع، وهو في الاصطلاح الشرعي: « منع التصرف في رقبة العين التي يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، وجعل المنفعة لجهة من جهات الخير ابتداءً وانتهاءً » [راجع: محاضرات في الوقت لأبو زهرة، ص7]. فالوقف هو حبس العين عن التصرف، وجعل المنفعة الخارجة من تلك العين صدقة جارية في سبيل الله. ومثاله: أو يُوقِف شخص ما أرضًا زراعية فيحبسها عن التصرف، فلا تُباع ولا تُشترى ولا تُوهب ولا تُوَرَّث، ويجعل غلتها صدقة في سبيل الله، فتُصْرَف على الفقراء والمحتاجين، وسائر وجوه البر والمعروف.
إن الوقف هو من الأعمال المستحبة التي رغب بها الشارع الحكيم وحث عليها، فهو الصدقة الجارية التي تَنْفع الواقف بعد موته، فلا ينقطع عمله بموته، بل يستمر باستمرار الأموال التي وقفها لله عز وجل، فعن أبي هريرة، أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: « إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم يُنْتَفع به، أو ولد صالح يدعو له. » [رواه مسلم].
ومما يدل أيضاً على مشروعية الوقف هذا الحديث الذي رواه الإمام مسلم: « عن ابن عمر، قال: أصاب عمر أرضًا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها. قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع أصلها، ولا يبتاع، ولا يورث، ولا يوهب، قال: فتصدق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وَلَيَهَا أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقًا، غير متمول فيه ».
والوقف هو عبارة عن عقد له عناصر وأحكام متعددة، فعناصره هي:
وللوقف شروط وأحكام متعددة نذكر منها: أن يكون الواقف شخصًا حرًا بالغاً عاقلاً. وأن يكون المال الموقوف من الذي تدوم عينه كالعقارات والأراضي، فلا يجوز أن يكون الموقوف طعاماً! وأن يكون الوقف على جهة من جهات البر والمعروف، لا على جهة من جهات المعاصي والمنكرات. بالإضافة لكون الوقف من العقود اللازمة التي لا يجوز فسخها، وغير ذلك من الشروط والأحكام التي أشار لها الفقهاء.
وبهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين.
المقالات المتعلقة بما معنى الوقف