لقد كان التأريخ قديماً يعتمد على وقوع الحوادث المختلفة التي تعتبر ذات شأنٍ عظيمٍ، فلم يكن هناك أي توحيد لجميع القبائل حول التاريخ، ومن الأمثلة على هذا النوع من التأريخ هو عام الفيل، فما هو سبب تسمية ذلك العام بعام الفيل؟
سبب تسمية عام الفيل بهذا الاسماستعظم العرب ما حصل لأصحاب الفيل في حادثة الفيل، فأطلقوا على ذلك العام بعام الفيل نسبةً إلى فيل أبرهة الذي حاول عن طريقه هدم الكعبة، ولكن هذا الفيل لم يُطِع سوى أمر الله تعالى. أصبحوا يؤرِّخون الأحداث حسب وقت حدوثها من عام الفيل؛ أي قبل عام الفيل أو بعده.
حادثة الفيلحكم أبرهة الحبشي اليمن وكان مسيطراً عليها، وقد كان يدين بالمسيحيّة فبنى كنيسةً في صنعاء وسماها القُلَّيس، وحلف أن ينقل وجهة حج العرب جميعاً إليها بدلاً من الكعبة المشرّفة الواقعة في مكة المكرّمة، وحلف أن يسير إلى الكعبة المشرّفة ليهدمها، فخرج ملك من ملوك حِميَر يقال له ذو نفرٍ ومعه من أطاعه من قومه، فقاتله، ففاز عليه أبرهة، وعندما أراد أبرهة أن يقتله قال له ذو النفر أنَّ في استبقائه وعدم قتله خير له، فأوثقه أبرهة وأبقاه.
تابع أبرهة مسيره إلى الكعبة، فخرج إليه النفيل بن حبيب الخثعمي بالقرب من بلاد خَثْعم، ورافقته بعض القبائل من اليمن إلّا أنّ أبرهة استطاع القضاء عليهم جميعاً، وأسر النفيل وأخذه ليدلّه على أرض العرب، وعندما وصل أبرهة إلى الطائِف خرج إليه مسعود بن معتَّب في رجال ثقيف، وأخبره أنه لا يريد قتاله وبأنه لا يوجد له عندهم شيء وأنهم سيبعثون معه من يدله على البيت في مكة المكرّمة، فبعثوا معه مولىً لهم يقال له أبو رغال، فخرج يدلّهم على الطَّريق ولكنّه مات في منطقة المغمس.
أرسل أبرهة رجلاً من المغمس يقال له الأسود بن مقصود إلى مكة، فجمع إليه أهل الحرم، وأصاب مئتين من البعير تعود لعبد المطلِّب، ثم بعث أبرهة حناطة الحِميَري إلى أهل مكة للبحث عن شريفها وإخباره بأنَّ أبرهة لم ياتِ لقتالهم وإنما فقط ليهدم الكعبة، فلقي حناطة عبد المطلب بن هاشم ورد عليه عبد المطلب أنهم لن يقاتلوهم وسوف يتركون الكعبة له، فإذا تركها الله يهدمها فله ذلك.
ذهب عبد المطلِّب لمقابلة أبرهة وقام أنيس بتعظيم عبد المطلِّب عند أبرهة، وعندما دخل عبد المطلّب إلى أبرهة أحبه وجلس معه على البساط، وطلب عبد المطلب من أبرهة أن يعيد له الإبل التي أخذها منه، فرد عليه أبرهة مستغرباً أنه يطلب الإبل بينما يريد أن يهدِم كعبتهم، فرد عليه عبد المطلِّب أنه هو رب الإبل بينما الكعبة لها ربٌ يحميها، وأعاد أبرهة الإبل إلى عبد المطلب.
جهّز أبرهة جيشه وحمّل على فيلِه ما يريد ليقوم إلى الكعبة ويهدِمها، وعندما أراد أن يحرِّك الفيل تجاه الكعبة توقَّف مكانه، ولم يتحرّك وضربوه بكافة الطرق إلّا أنَّه أبى أن يتحرّك، وعندما كانوا يوجهونه إلى اليمن كان ينطلق وعندما يحاولون توجيهه مرةً أخرى إلى الكعبة يقف مكانه، ثم هرب إلى أحد الجبال الموجودة، وأرسل الله تعالى الطير من البحر كالبلسان، وكلّ طيرٍ يحمل ثلاثة أحجارٍ: حجران في رجليه وحجرٌ في منقاره، وكانوا يُسقِطون هذه الحِجارة على جيش أبرهة ومن يصيبه الحجر يموت.
هرب أبرهة ومن بقي حياً من جيشه باتجاه اليمن، وكان قد أصاب الله تعالى أبرهة بمرضٍ في جسمه جعل أنامله تتساقط، وبعد كل أنملة تسقط يتبعها خروج لقيح والدَّم، حتى وصل إلى اليمن ومات هناك.
المقالات المتعلقة بما سبب تسمية عام الفيل بهذا الاسم