محتويات
- ١ الصبر خلقٌ عظيم
- ٢ معنى الصبر
- ٣ جزاء الصابرين
- ٤ المراجع
الصبر خلقٌ عظيم عندما يَكون الشخص صبوراً فذلك يَعني أنّه يَمتلك القدرةَ على منعِ نفسه من أشياء يُحبّها ويُفضّلها في سبيل مَرضاة الله تعالى؛ حيث يَصبرُ عن الملذّات والشهوات إرضاءً لله - جلّ وعلا - كما في صبر الصائم على تَرك الطعام والشراب، وصَبر الحاج والمُعتمر على التعب من أجل الوصول إلى رضا الله ومَغفرته.
بيّن المُصطفى - عليه الصلاة والسلام - أنّ قمّة الصبر وعِظمه يتضّح ويظهر في وقت ابتداء المُصيبة؛ حيث جاء في البخاري من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: (مرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ، فقال: اتَّقي اللهَ واصبري قالت: إليكَ عَنِّي، فإنكَ لم تُصَبْ بمصيبتي، ولم تعرفْهُ، فقيل لها: إنَّهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فأتت باب النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فلم تجد عندَهْ بوَّابِينَ، فقالت: لم أعرفْكَ، فقال: إنما الصبرُ عند الصدمةِ الأولى)،[١] ويقول الله - عز وجل - في ذلك أيضاً: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا* إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)؛[٢] فالبلاء أمرٌ لا بُدّ منه، وهو واقعٌ لا مَحالة على كلّ نفس؛ حيث حلَّ بِالأنبياء والمُرسلين وغيرهم، إلا أنّ العاقل من يَصبر على ذلك البلاء ويَحتَسب.
معنى الصبر الصبر في اللغة: بمَعنى الحبس، وقد جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)[٣]، قال ابن تيمية - رحمه الله - المقصود بالصبر الجميل الوارد في قوله تعالى سابق الذكر هو الّذي لا شكوى فيه ولا معه، وقال مجاهد: هو الذي لا جَزع معه، وقد جعل العلماء للصبر ثلاثة أقسام هي: الصبر على الطاعات، والصبر عن المُحرّمات، والصّبر على الابتلاءات، أمّا تَعريف الصبر في الاصطلاح فهو: الثبات على أحكامِ الكتاب والسنة، وحبس النفس عن الجَزع والسخط.[٤]
جزاء الصابرين وَردت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكثير من الأحاديث التي تُشير إلى جزاء الصابرين وفضل الصبر، ويُمكن إجمال ما جاء في القرآن والسنّة في جزاء الصابرين بالآتي:[٥]
- الصبر بابٌ لتكفير الذنوب والسيّئات والآثام: إنّ الصبر يُعدّ من أوسع أبواب تكفير الخطايا والذنوب، وقد رُوي أنّ - النبي صلى الله عليه وسلم - قال: (ما يصيبُ المؤمنَ من وصبٍ، ولا نصبٍ، ولا سقمٍ، ولا حَزنٍ، حتَّى الهمَّ يُهمُّه، إلَّا كفَّر به من سيِّئاتِه)،[٦] وروى البخاري بسندٍ صحيح أن - النبي صلى الله عليه وسلم - قال: (ما مِن مصيبةٍ تصيبُ المسلِمَ إلَّا كفَّرَ اللَّهُ بِها عنهُ، حتَّى الشَّوكةِ يُشاكُها)،[٧] فكلّ ما يُصيب المؤمن من البلاء ويَصبر عليه يُكفِّر عنه ذنوبه، وطالما هو صابرٌ لما أصابه ازداد أجر صبره.
- البلاء للصابر دليلٌ على أن الله راضٍ عنه: إنّ مَن يبتليه الله بالمَصائب والهموم والأوجاع والأسقام فإنّما ساق له الأجر والمغفرة إن كان من أهل الصبر والإيمان؛ حيث إنّ المَصائب من أكبر وأهمّ أبواب تكفير الذنوب، وكلّما ازداد البلاء وازداد معه صبر العبد أصبح أكثر قرباً من الله - عزَّ وجل - وقد رُوي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من يُرِدِ اللَّهُ بِه خيرًا يُصِبْ مِنهُ)،[٨] كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضاً في روايةٍ أخرى: (إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ تعالَى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضِي فله الرِّضا ومن سخِط فله السُّخطُ).[٩] وقد روي أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسِه وولدِه ومالِه حتَّى يلقَى اللهَ تعالَى وما عليه خطيئةٌ).[١٠]
- بالصبر يَزداد المُسلم قرباً من الله تعالى: إذا اختار الله لأحد عباده المتّقين مَنزلةً رفيعةً ثم لم يبلغها بالعمل الصالح فإن الله حتى يجعله يُدرك تلك المنزلة سيَبتليه بمرضٍ يُصيبه أو يُصيب حبيباً له فيصبر على ذلك فيؤجر ويَزداد قرباً من الله حتى يبلغ تلك المنزلة، وقد رُوي في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إنَّ العبدَ إذا سبقت له من اللهِ منزلةٌ لم يبلغْها بعمله ابتلاه اللهُ في جسدِه أو في مالِه أو في ولدِه ثم صبَّره على ذلك حتى يُبلِّغَه المنزلةَ التي سبقت له من اللهِ تعالى)،[١١] وروي كذلك عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أنه قال: (قلتُ يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً قالَ الأَنبياءُ ثمَّ الأَمثلُ فالأَمثلُ؛ يُبتلَى الرَّجلُ علَى حسَبِ دينِهِ، فإن كانَ في دينِهِ صلبًا اشتدَّ بلاؤُهُ، وإن كانَ في دينِهِ رقَّةٌ ابتليَ علَى قدرِ دينِهِ، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يترُكَهُ يمشي علَى الأرضِ وما علَيهِ خطيئةٌ).[١٢]
- الصبر دليلٌ على قوّة وصدق الإيمان: وذلك لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: (عَجَبًا لِأَمْرِ المؤمنِ؛ إنَّ أمرَهُ كلّه له خيرٌ، وليس ذلك لأحَدٍ إلَّا للمؤمنِ؛ إنْ أصابَتْه سرَّاءُ شَكَرَ فكان خيرًا له، وإن أصابَتْه ضَرَّاءُ صَبَرَ فكان خيرًا له)،[١٣] فإنّ المؤمن إن صبر على قضاء الله وقدره، وعلمَ يقيناً أنّ ذلك إنّما أصابه بأمر الله ومَشيئته، فسيكون ذلك الصبر دليل صدقِ إيمانه وقوّة عقيدته، وإن أصابَه خيرٌ فإنّه سيَعلم أنّ الله عزّ وجل هو من هَيّأ له ذلك الخير، ولذلك فإنّه سيشكُر الله على ما أنعمَ به عليه من نعم، وبالتالي يكون ذلك أيضاً خيراً له.[١٤]
- الصبر أفضل ما يُعطَى العبد: رُوي أنّ أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: (إن ناسًا من الأنصارِ سألوا رسول الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فأعْطَاهم، ثم سألُوهُ فأعْطاهم، حتّى نَفِدَ ما عندهُ، فقال: (ما يكون عِندَي من خيرٍ فلن أدَّخِرَهُ عنكم، ومن يستعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، ومَن يَستَغنِ يُغنِهِ اللَّهُ، ومَن يتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ مِنَ الصَّبرِ).[١٥]
المراجع ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1283. ↑ سورة الإنسان ، آية: 2-3. ↑ سورة يوسف، آية: 18. ↑ مهران ماهر عثمان، "الصبر"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 5/1/2017. بتصرّف. ↑ بدر عبد الحميد هميسه، "وبشر الصابرين"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 24-2-2017. بتصرّف. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2573. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 5640. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5645. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4/223، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4/226، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما. ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن اللجلاج بن حكيم السلمي والد خالد، الصفحة أو الرقم: 3090، إسناده صالح. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 2398، حسنٌ صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان، الصفحة أو الرقم: 2999. ↑ "شرح حديث عجباً لأمر المؤمن"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5-1-2017. بتصرّف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469.