ما المقصود بحمر النعم

ما المقصود بحمر النعم

جاء ذكر عبارة (حُمْرُ النَّعَمِ) في حديثٍ صحيحٍ أخرجه الشيخان: البخاري ومسلم في صحيحيهما، فهو من الأحاديث المتفق عليها، والتي لا خلاف بين علماء الحديث على صحتها، والحديث هو على النحو التالي: « حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأعطين الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه، قال: فبات الناس يَدُوكُون ليلتهم أيهم يُعْطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يرجو أن يُعْطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: يشتكي عينيه يا رسول الله، قال: فأرسلوا إليه فأتوني به، فلما جاء بصق في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رِسْلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا، خير لك من أن يكون لك حُمْرُ النَّعَمِ. »

الحديث السابق متفق عليه بين البخاري ومسلم، وقد أخرج البخاري هذا الحديث في كتاب فضائل الصحابة، وفي باب: مناقب علي بن أبي طالب، ورقم هذا الحديث هو: (3701). وأخرجه البخاري أيضًا في كتاب الجهاد والسير، وفي باب: دعاء النبي الناس، وقد جاء برقم: (2942)، وقد أخرجه أيضًا في نفس هذا الكتاب، ولكن في باب آخر وهو باب: فضل من أسلم على يديه رجل، حيث جاء برقم: (3009). وأيضًا قد أخرجه البخاري في مكان آخر في صحيحه، وهو: كتاب المغازي، في باب: غزوة خيبر، وقد جاء برقم: (4210).

وقد أخرج الإمام مسلم الحديث السابق - ولكن مع اختلاف قليل في بعض الألفاظ - في كتاب فضائل الصحابة، وفي باب: من فضائل علي ابن أبي طالب، وقد جاء برقم: (2406)، ولم يخرج الإمام مسلم هذا الحديث إلا في هذا المكان على خلاف الإمام البخاري الذي أخرجه في أربعة أماكن.

يستفاد من الحديث الكثير من الفوائد، وقد أوصلها بعض العلماء إلى أكثر من سبعين فائدة، ومن هذه الفوائد: مسارعة الصحابة إلى الخير والأعمال الصالحة، وحرصهم الشديد على تبليغ الدين، والاشتراك في الغزوات والفتوحات، ورفع راية لا إله إلا الله، وفي الحديث أيضًا بيان لفصل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وشجاعته، وفيه أيضًا بيان لعظم أجر المسلم الذي يهتدي عليه يديه أحد الكفار، وكيف أن هذا خير له من حُمْرِ النَّعَمِ التي سنبين معناها بعد قليل.

وبعد أن عرضنا الحديث النبوي الشريف بتمامه، وعرضنا تخريجه عند البخاري ومسلم، وعرضنا شيئًا من فوائده، لا بد لنا من بيان المقصود بعبارة (حُمْرُ النَّعَمِ) التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث، وقبل بيان معنى هذه العبارة لا بد أولًا من ضبط تشكيلها على النحو التالي: ضم الحاء، وسكون الميم، من كلمة حمر، وتشديد العين مع فتحها، وفتح العين، من كلمة النعم.

لقد بين العلماء الذي شرحوا هذا الحديث المعنى المراد من عبارة (حُمْرُ النَّعَمِ)، فقد قالوا أن معناها هو الإبل الحمر، والإبل الحمر هي أنفس وأغلى أموال العرب، حيث كان العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وكانت هذه الإبل من الأمور التي تتفاخر بها العرب.

المقالات المتعلقة بما المقصود بحمر النعم