ما المقصود بالجهاد الكفائي

لا يمكن لأمّة الإسلام أن تحمي حماها وأن تقوم قائمتها بين الأمم بدون الجهاد في سبيل الله تعالى، فالجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام، وقد أمر المسلمون بالإعداد لمحاربة أعداء الله، والإعداد هو جزءٌ من الجهاد، كما أنّ الرّباط في سبيل الله هو كذلك جزءٌ من الجهاد، وقد حذّر النّبي صلّى الله عليه وسلّم أمّة الإسلام من ترك الجهاد والانشغال عنه بمتاع الحياة الدّنيا حيث قال ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ )، فقد جاء هذا التّحذير النّبوي من ترك الجهاد بسبب أهميّته في حفظ هيبة الدّولة الإسلاميّة بين الأمم، وحتّى يردع كلّ من تسوّل له نفسه الهجوم على أيّ بقعةٍ من الدّولة الإسلاميّة أو التّعرّض لها بسوء، وإنّ للجهاد أنواعٌ وأوّل مراحلها جهاد النّفس، وقد بيّن النّبي صلى الله عليه وسلم أنّ المجاهد هو من جاهد نفسه في الله، فعلم من ذلك أنّ مجاهدة النّفس والهوى هو من أوّل مراتب الجهاد، ذلك أنّ من عجز عن مجاهدة نفسه كان أولى بالعجز عن مجاهدة الأعداء.

ثمّ يأتي بعد ذلك جهاد الأعداء وهو نوعين جهاد طلبٍ حيث يكون بعد إرسال المسلمين رسائل إلى البلدان التي تكون على الكفر ويتم تخييرها بأن تبقى على ما هي عليه وتدفع الجزية، أو أن تسلم أو أن تقاتل، وهذه الوسيلة قد عرفناها في تاريخنا الإسلاميّ حين أرسلت الجيوش الإسلاميّة التي دكّت إيوان كسرى وقيصر، وهذا النّوع من جهاد الطّلب هو ما يطلق عليه بالجهاد الكفائي أو الجهاد الذي يؤدّيه جماعةٌ من المسلمين ويسقط عن الباقين، ولا يلزم منه أن يخرج جميع المسلمين للجهاد، وينطبق على هذا النّوع من الجهاد كلّ معركةٍ يكلّف فيها الحاكم عدداً من المسلمين للمشاركة بدون أن تتعيّن المشاركة على الجميع.

أما النّوع الثّاني من الجهاد فهو جهاد الدّفع، ويكون هذا النّوع من الجهاد حين يدفع المسلم العدوان عن وطنه، أو حين يتعرّض جزءٌ من الأمّة الإسلاميّة للإحتلال والعدوان فحينئذ يتحول الجهاد من جهادٍ كفائي إلى جهادٍ عينيّ، حيث يكون الجهاد فرض عينٍ على جميع المسلمين، ويخرج الابن من غير إذن أبيه، وأخيراً يجب أن لا ينسى المسلم أنّ هناك جهادٌ سلمي في حياتنا ومن صوره السّعى على الأرملة والمسكين ورعاية الوالدين وغير ذلك من صور جهاد النّفس.