أنزل الله سبحانه وتعالى على نبيّه محمّد عليه الصّلاة والسّلام القرآن الكريم ليكون معجزة خالدة إلى قيام السّاعة، وقد جاء هذا الكتاب العظيم بلسان عربيّ مبين محكمًا مهيمنًا على ما سبقه من الكتب السّماويّة، وقد اشتمل القرآن الكريم على دستورٍ شامل كامل فيه صلاح النّاس في دنياهم وآخرتهم بما تضمّنه من أحكام وتوجيهات وآداب ربّانيّة، وقد تحدّى الله عزّ وجلّ الإنس والجنّ على أن يأتوا بسورةٍ واحدة من مثل سور القرآن الكريم، فهو معجزٌ ببيانه وآياته المحكمة التي لم يكن فيها اختلاف أو تعارض وهذا خير دليل على أنّه كلام الله، قال تعالى (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا).
وقد تعهّد الله سبحانه وتعالى بحفظ كتابه من أن تصل إليه أيدي التّحريف المبطلة على الرّغم من اجتماع كثيرٍ من أعداء الإسلام على ذلك، بل ربّما لا تكاد تمرّ سنة من السّنين إلاّ ويحاول أعداء الإسلام والقرآن نشر نسخ محرّفة منه بين المسلمين، وإن فشل تلك المحاولات جميعها عبر التّاريخ وخلال ما يقارب ألف وأربعمئة ألف سنة ليدلّ على الحفظ الإلهي له، قال تعالى (إنّا نحن نزلنا الذّكر وإنّا له لحافظون).
جمع القرآن الكريمويتساءل كثير من المسلمين عن الطّريقة التي وصل من خلالها كتاب الله تعالى إلينا، فنحن نعرف أنّ القرآن نزل عن طريق الوحي على النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام منجمًا متفرّقًا من بعد أن نزل جملةً واحدة إلى السّماء الدّنيا في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك، وقد كان في عهد النّبي عليه الصّلاة والسّلام كُتّابٌ للوحي يكتبون آيات الله عز وجل ويدوّنونها في صحف وقراطيس، كما كانت هناك آيات محفوظة في صدور الصّحابة، وعندما تولّى الخلافة أبو بكر الصّديق رضي الله عنه رأى أن يجمع القرآن الكريم وخاصّة بعد أن رأى القتل يستحرّ بقراء القرآن وحفاظه في المعارك ضدّ المرتدين في الجزيرة العربيّة، حيث استشهد الكثيرون منهم، فاستشار الصّحابة ثمّ قرّر جمعه، وبعد فترةٍ من الزّمن وفي عهد الخليفة الرّاشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وبسبب اتساع رقعة الدّولة الإسلاميّة ودخول كثيرٍ من القوميّات في الإسلام، لاحظ عثمان بن عفان رضي الله عنه أنّ قراءات بعض الأمصار تختلف عن القراءة الصّحيحة فقرّر جمع النّاس على مصحفٍ واحد بلهجة قريش ولغتها، وبعدها اعتمدت تلك النّسخة من القرآن الكريم وبقيت منتشرة بيد جميع المسلمين في أنحاء المعمورة وهكذا وصلت إلينا.
المقالات المتعلقة بكيف وصل القرآن إلينا