الرسول الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم -، هو خاتم الانبياء والمرسلين الذي نزل عليه الوحي بالقرآن الكريم، وهو المأمور بتبليغ ديانة الإسلام للناس كافة، وهو شخصية الإنسانية بامتياز، ذو عقلية جبارة ضخمة أهلته لتحمل هذه الأمانة الكبيرة، فأن يكون الإنسان رسولاً يبلغ كلام الله تعالى هو حقاً ينضوي على مواصفات استثنائية أهلته لأن يكون على ما هو عليه، فاختيار الله تعالى لرسله لا يكون عبثاً ومن فراغ، بل يكون اختياراً دقيقاً كأي شئ أخر هو من صنع الله تعالى، فكما خلق هذا الإله العظيم الكون بهذه الدقة المتناهية، وكما أنزل القرآن بهذا التفصيل والإعجاز والدقة أيضاً، فيجب أن يكون الرسول متناسباً وعلى نفس سوية ما هو من خلق الله تعالى.
ظهرت علامات الاستثناشية على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – منذ صغره، فقد كان نبيها فطناً ذكياً، صنعه الله تعالى واهتم به خطوة بخطوة ويوماً بيوم، فعمر الرسول - صلى الله عليه وسلم – عندما وافته المنية، ثلاثة وستون عاماً، وعندما بعث بالرسالة كان عمره أربعون سنة، أي أن حوالي ثلثي عمره كان في الإعداد، والثلث الآخر هو الذي عمل فيه وكان فيه رسولاً نبياً، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على عظم هذه الأمانة التي يستطيع أي إنسان ان يتحملها، وقد تدرجت عملية إعداده، فقد فقد الرسول الأعظم والديه في الصغر وفقد جده وكافله سيد مكة عبد المطلب، وهذا أسهم في زيادة الصبر عنده، إلى ذلك فقد رعى رسول الله الغنم في الصغر ليتعلم أيضاً الصبر بشكل عملي اكثر، فحسب قول الرسول الأعظم، أن جميع الانبياء من قبله كانوا قد رعوا الغنم، ثم أن رسول الله عمل بالتجارة وسافر ليتعلم الاختلاط بالناس والثقافات، كما أنه كان دائم الحضور مع جده وعمه في جلسات الأسياد، ومن هنا أوتي هذا النبي العظيم الحكمة وطيب الكلام وحسن التصرف، كما أنه تزوج بسيدة نساء العالمين خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها -، التي كانت امرأة ذات نسب وحسب وجمال ومال والتي كانت سنده الأول بعد الله تعالى، فجعلته – صلى الله عليه وسلم – مسؤولاً عن تجارتها.
أما الإعداد الأكبر وهو آخر مراحل الإعداد فقد كان في الفترة الأخيرة قبل البعثة حيث أنه اعتزل الناس ومكث في غار حراء للتأمل ومحاولة البعث عن الخالق الذي يستحق أن يتوجه إليه بالعبادة، وهو هنا أيضاً أظهر رجاحة العقل منقطعة النظير في رفضه لما كان يمارس من طقوس موروثة في قومه يرفضها أي عقل تواق للمعرفة والحرية والعدالة الإنسانية، فكافأه الله تعالى على تميزه هذا بأن نزل عليه الوحي وهو جبريل الملك المكلف بإيصال الرسالات إلى رسل الله تعالى وهو يتعبد ويتفكر في غار حراء، فقد أصابه حينها الخوف الشديد، عندما قال له جبريل اقرأ فقال الرسول الأعظم ما أنا بقارئ ثم أعادها عليه ثلاثاً إلى أن قال له "اقراً باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم" حيث كانت هذه الآيات هي أول الآيات التي نزلت على رسول الله من الله تعالى عن طريق الملك الكريم جبريل – عليه السلام -.
المقالات المتعلقة بكيف نزل الوحي على الرسول