كانت العلاقات الإنسانيّة في الجاهليّة وقبل الإسلام مثالًا في الفوضى وعدم الانضباط الأخلاقيّ، كما كانت النّظرة إلى المرأة نظرة دونيّة، حيث كانت تُعامل كما يُعامل المتاع، وتُحرم الأثنى أحيانًا من حقّها في الحياة، وقد كان الزّواج في كثيرٍ من أشكاله عبارة عن علاقةٍ تتحكّم فيها النّزوات والشّهوات، بعيدًا عن أيّ أسسٍ شرعيّةٍ أو إنسانيّةٍ، فكيف كانت أشكال الزّواج في الجاهليّة ؟ وما شكل الزّواج الذي أقرّه الإسلام؟
أشكال الزّواج في الجاهليّةمن بين أشكال الزّواج التي كانت منتشرة في الجاهليّة نكاح الاستبضاع: وهو عندما يرغب رجلٌ في أن يلد ولدًا نجيبًا متميّزًا، فيختار أحد وجهاء قومه ليرسل له امرأته حتّى يجامعها، ويكون الولد تابعًا لوالده الأصيل في النّسب والميراث وغير ذلك، كما كان يدخل أحياناً على المرأة في الجاهليّة عدّة رجال فيجامعونها في شكلٍ ثانٍ من أشكال الزّواج، حتّى إذا حملت وولدت تلك المرأة أرسلت إلى كلّ الرّجال الذين جامعوها ليجتمعوا، ثمّ تضع ولدها في حجر أحدهم، فيلحق به نسبًا وميراثًا، أمّا الشّكل الثّالث للزّواج في الجاهليّة فكان الشّكل والصّورة التي أقرّتها الشّريعة الإسلاميّة، حيث يخطب الرّجل المرأة من أبيها ويعطيها مهرًا، والصّورة الرّابعة للزواج في الجاهلية أن تنصب بعض النّساء راياتٍ على بيوتهنّ لإعلام من يرغب بالفاحشة، وهذه الصّورة هي عين الزّنا المحرّم في الشّريعة الإسلاميّة.
ما أقرّته الشّريعة الإسلاميّة من أشكال الزّواجوقد جاءت الرّسالة المحمّديّة لتلغي تلك الأشكال والصّور غير الإنسانيّة، وغير الأخلاقيّة، ولتُبقي على صورةٍ واحدة وهي صورة النّكاح الشّرعي الصّحيح، مع تكميل هذه الصّورة بعددٍ من الأحكام والشّروط والآداب، فالزّواج في الإسلام هو علاقة مقدّسة تكون بين الذّكر والأنثى على كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه، ويُشترط في الزّواج في الإسلام أن يكون بإذن وليّ الأمر، لحديث النّبي عليه الصّلاة والسّلام: (لا نكاح إلا بوليّ)، وفي الحديث الآخر: (أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليّها فنكاحها باطل)، كما يشترط شهادة الشّهود على هذه الواقعة، ومن بين الأحكام كذلك أن يكون هناك إشهار للزّواج، حتّى يُعلن للجميع، وأن يكون هناك الإيجاب والقبول بين الزّوجين.
وإنّ نظرة الشّريعة الإسلاميّة للزّواج كعلاقة بين الذّكر والأنثى لم تكن نظرة قاصرة، بل كانت نظرة شموليّة لتلك العلاقة المقدّسة، حيث حرصت الشّريعة الإسلاميّة على ديمومة تلك العلاقة، وألّا تكون علاقةً عابرةً، من خلال تأسيسها بدايةً على بنيانٍ صلبٍ، ثمّ البناء عليها بجملةٍ من الأحكام والآداب والتّوجيهات، التي تضمن أن تسير تلك العلاقة وفق ما أرادته الشّريعة الإسلاميّة، بعيدًا عن الخلاف والشّقاق.
المقالات المتعلقة بكيف كان الزواج في الجاهلية