كيف تعرف أنك محبوب

كيف تعرف أنك محبوب

المحبة

إنّ المحبة التي يكِنُّها الناس لشخصٍ ما، لا بدَّ أن تكون مبنيّة على أسس نبيلة تجعل من حاملها شخصاً جذاباً، يخطف أنظار الجميع من خلال حديثه وتصرّفاته وردود أفعاله، فالشخصية المحبوبة يعرفها جميع من حولها سوى الشخص نفسه، لأنّه نادراً ما يعترف لك شخص ما بمحبته؛ فالتصرفات والأفعال وحدها من تنطق بهذه الكلمة، فكيف لك أن تكتشف بأنك محبوب؟

كيف تعرف أنك محبوب

لم أكنْ على علمٍ بأنّ من حولي من الأصدقاء والأقرباء يحملون هذا الحبَ لي، إلّا بعدما دخلت من بابين لم أشأ أن أدخلهما؛ لأنّ الوطن والصحة هما الهبة الأعظم التي منحها الله للإنسان، فالدموع والجموع التي انهالت على باب المطار بلحظة الوداع، والأدعية التي ابتهلت وقت ابتلاني الله بنوبة قلبية؛ كانت جواباً على تساؤلاتي التي تدور حول كيف تعرف بأنكَ محبوب؟ لكن الجواب لم يكن كافياً؛ لأنّي لم أقتصر بهذا السؤال على شخصي، بل أردت جواباً يرضي كل من يدور في خلده هذا السؤال، كون المرض والهجران لا يطرقان بابَ مَنْ مَنَّ اللهُ عليهِ بالصحةِ والإستقرار.

بدأتُ من هنا البحث عن أجوبة كافية ومقنعة، فوجدت العديد منها من خلال تجاربي العملية التي طبّقتها على قائمة الأصدقاء والمقرّبين، فأول تجاربي كانت داخل الشركة التي أعمل بها، فأشعت خبراً بأني سأنتقل إلى شركة أخرى، حتى وجدت كل من حولي يسعون لإبقائي بإقناعي بأنّ المادة لا تساوي شيئاً أمام هذا الجمع الكبير من المحبين، ثمّ بعد ذلك اكتشفتُ جواباً عفوياً بدون تخطيط مسبق، حيث قمت بتعطيل حسابي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك facebook، فلم يتوقف هاتفي ليلتها عن المكالمات التي تتسائل عن سبب تعطيل الصفحة، وإنهم اعتادوا على متابعة ما أكتبُ على صفحتي من أفكار، وعن أخباري، وصوري التي تجسد حالتي الصحية والنفسية.

هناك الكثير من الأجوبة التي وجدتها ولا أستطيع ذكر إلّا أهمها، لكن ما منحني الثقة بأنّي محبوب لدى الكثير من الأصدقاء، أنّني الوحيد بينهم من يحمل أسرارهم جميعاً، ولم أفشِ بسر أحدهم للآخر، وإني الوحيد الذي يلجئ الجميع إليه بمأزقهم، وقد بني هذا كله من خلال المعاملة التي ولدت لديهم الشعور بأني أشعر بهمومهم وأحزانهم، من خلال إنصاتي لهم، ومبادلتهم الرأي، وإشعارهم بسعادتي التامة حين أجالسهم، وعدم مخالفة المواعيد التي نرتبها لجلساتنا.

إنّ المحبة التي يكنها الناس لأي شخص لها سر عظيم؛ فإنّ محبة الناس، واحترامهم، واحترام آرائهم ومعتقداتهم، وتسامحك معهم، وعونهم على ما لا يطيقونه بالرأي وبالعمل، والإنصات لهم، والابتسامة التي تعمرها فوق حزنك المفرط، وعدم تفريطك بالاطمئنان على كل من فرطوا بالاطمئنان عليك، يقودك لمنزلةٍ يتسائل الكثير من جاهلي طريقها عن أسباب الوصول إليها، وإنّ الإقتداء بالآخرين من الصالحين ليس بالضعف، فالكثير منا يحتاج نصيحة غيره، فالبشرية تكمل بعضها بعضاً.

المقالات المتعلقة بكيف تعرف أنك محبوب