الكتابة أمر مهم وضروري في حياة البشر، ففيها تتخذ الكتابة كوسيلة لنقل المعرفة والمشاعر والمعلومات والأخبار وحكم الأجيال المتواترة. الكتابة أمر مكتسب، أي أنها ليس أمراً فطرياً أو موهبة تولد مع الإنسان كما يذاع من قبل البعض، فهذه كذبة ابتدعها الكثيرون كي يبعدوا الآخرين عن هذا الحقل ممن قد يشكل تهديداً على شهرتهم ككتاب أو من قد يودي بهذا المجال الفني إلى الهاوية باعتبار نفسه كاتباً، لكنه في حقيقة الأمر لا يمت للكتابة بصلة. قال رسولنا الكريم، إنما العلم بالتعلم، وقال أبو بكر الصديق إما الحلم بالتحلم، فلا شيء مع المثابرة والمحاولة والاستمرار سيفشل، ولا شيء دون مواظبة واهتمام سينجح. هذا المقال يتناول في مضمونه نصائح لا تخفى على أحد، إنما هي مهمشة مطوية ومدفونة في عقول كل منا سنحاول إخراجها للعلن والكشف عنها كي يتسنى لكل من أراد أن يصبح كاتباً ويتقن فن الكتابة أن ينال مرادة.
الصبر أولاً وأخيراً، الصبر الركيزة الأساسية لأي أمر ينوي الإنسان إتقانه والتدرب عليه، فالكاتب قد لا يكتب كلمة واحدة لفترة طويلة، لا يضير ذلك في شيء ولا يؤثر ذلك سلبا عليه وعلى عقليته ولا نفسيته، ولا يوحي بأنه كاتب فاشل أو أنه قد فقد مهارته وما عاد ذلك الكاتب الفذ. الكتابة تتطلب إحساساً بما تكتب، فإن لم يتولد لديك ذلك الشعور الداخلي الذي يكاد يحرق صدرك ضائقاً به يريد الظهور والخروج للعالم الخارجي، فلن تكتب شيئاً، أطلق له العنان ولا تكبه، دع ما في أعماقك يخرج عفوياً فتلك هي أفضل وأنقى وأقوى الأحاسيسي التي ستجعل القارئ في حالة كأنه في إعصار من المشاعر الذي ينقله من عالمه ومحيطه إلى عالمك، ستستحوذ عليه بشكل أكيد، ستستحوذ على مخيلته وتصوره ورؤيته للمواقف والأمور، ستأخذه كتابتك وحروفك إلى محيط جديد وآفاق لم يعهدها قط. إن تشكّلت الحروف وفق ترتيبها الطبيعي الفطري كما ترتيب مشاعرك ومعلوماتك، فستكون لديك كماً لا نهائياً من السحر في كلماتك.
مهارة الكتابة منوطة بشكل أساسي بمهارة القراءة، فمن لا يقرأ لن يكتب. القراءة تضيف إلى عقلك وفكرك وقلبك عوالم مختلفة وحيوات عدة إلى حياتك، تجارب وحكم وخلاصة حياة أناس سبقوك وتركوا لك إرثاً فكرياً وثقافياً وحضارياً وعلمياً بين يديك، ينتظرك كي تتعرف إليه وتضييفه إلى حقيبتك الفكرية، فبهذا ستكون لديك قدرة أكبر على توجيه كلماتك وتكوين نماذج وأساليب خاصة بك وبطريقتك في الكتابة.
لا تترك مجالاً للشك في داخلك بأنك لست على ذلك المستوى المطلوب من المهارة التي تؤهلك لأن تصبح كاتباً قادراً على كسب الأضواء وآلاف القراء، إن كانت الشهرة في حقيقة الأمر هي غرضك من الكتابة وان تكون محط الأنظار وتكسب ود ابنة الجيران وتقدير والديك وأصدقاءك ومجتمعك، فلن تساعدك الكتابة ولن تقدم لك ما يعينك على إتقانها واحترافها، الكتابة فن متواضع يعطيك ما شئت منه إن أعطيته أخلاقه وحقه.
المقالات المتعلقة بكيف تصبح كاتبا