يُعرّف الرثاء لغة بأنّه صوت البكاء مع الكلام على الميت، أو صوت الكلام أثناء البكاء على الميت[١]، ويُعرّف اصطلاحاً بأنه ذكر الميت وذكر محاسنه ومناقبه وخصاله الحميدة مثل: الكرم، والعفّة، والشجاعة، ووصف الحال بعد فقدانه، وما يحمله من مشاعر وحزن كبير، ويُصنّف الرّثاء على أنه أحدُ ضُروبِ الشعر العربي، وهو أكثرها عاطفةً؛ لأنّ منبعه هو القلب، فكلما زادت الصلة بين الشاعر والشخص الميت زادت قوة القصائد الرثائيّة، وقوّة وعمق المعاني، والعاطفة المتدفقة في أبيات القصيدة بشكل كبير، واشتُهر الرثاء عند العرب بشكل كبير؛ لما يحمله من تخليد للميت، وإبقاء ذكره على ألسن الناس كلما ذكروا ما كُتب فيه من قصائد ورثاء.[٢]
أغراض الرثاءتتعدّد أغراض الرثاء في الشعر العربيّ، فمنها ما هو مختصّ بالأقارب كالأخ والأخت والابن والأم والأب، وهناك ما هو مختصّ برثاء الزوجة، وقد كان هذا النوع في الجاهليّة غير منتشر؛ لأنه كان يعتبر نوعاً من الضعف عند الرجل، لكنه انتشر فيما بعد، وأصبح من أبلغ الشعر الذي قِيل في حقّ الزوجة[٣]، وأيضاً هناك رثاء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أبرز شعراء هذا النوع من الرثاء هو شاعر الرسول حسان بن ثابت، إذ قال أروع الكلام في حق الرسول صلى الله عليه وسلم عندما فُجع المسلمون بوفاته عليه الصلاة والسلام، بالإضافة إلى ما تمّ ذكره سابقاً يضاف رثاء فَقْد الأوطان والدول إلى أغراض الرثاء؛ لما له من شهرة واسعة في أشعار العرب؛ نظراً للأحوال السياسيّة والاجتماعيّة المتقلبة التي مرّ بها العرب عبر التاريخ، ومن أشهر الحوادث التي مرّ بها العرب فقدان الأندلس، والحوادث العظيمة التي حصلت لهم على يد المغول.[٤]
خصائص الرثاءيعتمد الرثاء على مشاعر صادقة وأحاسيس معبّرة، فلا يمكن للشاعر أن ينتج قصيدة رثائيّة جيّدة إن كان المرثي ليس له علاقة مباشرة معه، فيجب أن يكون كلام الشاعر نابعاً من القلب حتى ينتظم معه الكلام والوزن الشعريّ بشكل جميل يعطي للقصيدة رونقاً خاصّاً بها، كونها نُظمت لأجل رثاء شخص له علاقة مباشرة مع الشاعر، لهذا يتميّز الرثاء بالعديد من الخصائص والمميّزات ومنها:[٥]
يتعرّض الإنسان لمواقف صعبة خلال حياته سببها الموت، ولم يستطع إيجاد حل لها سوى ندب مصيبته وذكر الميت، ومع تعدّد أسباب الموت واختلاف الظروف والأشخاص تعدّدت اتجاهات الرثاء ويُذكر منها:[٣]
يُعتبر الرثاء من التراث العربيّ الأصيل، ومن أكثر فنون الشعر صدقاً وعمقاً في التعببر، وغالباً ما تكون ألوان الرثاء مجتمعةً معاً لكن يغلب أحدها بشكل ظاهر فيُسمّى العمل الشعريّ به، ويمكن التعبير عن الرثاء بثلاثة ألوان وهي: [٤]
مما لا شك فيه أنّ لكل نوع من أنواع الشعر خصائص تميّزه وأمور تُضعفه، وبما أنّ الرثاء نوع من أنواع الشعر التي اختصّت بمدح الميت فلا بد من وجود عناصر تعطيه بعض العيوب التي من الممكن أن تُنقص من قيمة الشعر الرثائيّ في حق الميت، ويُذكر من عيوب هذا النوع الشعري: عدم ذكر الميت بشكل يوفي حقه، والتقصير في ذكر مناقبه وصفاته وخصاله الحميدة، والتصنّع في الشعر، وعدم الصّدق في كلام الشاعر، ونظم الرثاء فقط للمجاملة والنفاق.[٣]
أشهر قصائد الرثاءاشتُهرت بعض القصائد الرثائيّة دون غيرها من القصائد؛ نظراً لما تحمله من بلاغة وصدق في التعبير، والتدفّق الهائل للشاعريّة والمشاعر التي لا توصف، والتي لا تزال تلامس قلوب المتلقّين حتى بعد نظمها بقرون كثيرة، ومن أشهر القصائد الرثائيّة التي عرفها العرب عبر التاريخ:[٦]
المقالات المتعلقة بتعريف الرثاء