الأم عماد البيت وأساسه ، فإن صلحت صلح أفراده، وإن فسدت كانوا إلى الفساد أسرع. الأم هي المربية ، وهي البانية لجيل يوحد الله تعالى، ويقيم شرائعه في الأرض، وهي راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعايتها. ولما كانت كذلك وجب عليها اصلاح نفسها، والاستقامة على أمر ربها، ومن ثم تحث زوجها وأبناءها على الاستقامة والتقوى، وخير ما تفعله ان تستثمر أيام حياتها وخاصة شهر رمضان، الشهر الفضيل الذي فيه تنزل القرآن العظيم، وفيه ليلة القدر، وفيه تصفد الشياطين، وتتضاعف الحسنات وتنتشر البركات.
فالأم الصالحة تستعد له خير استعداد، وتهيئ أولادها لاستقباله كما يستقبل أفضل الضيوف وأرقى المواكب والمناسبات. ومن الطرق الاستعداد له أن تضع برنامجاً رمضانياً، وخططاً اصلاحية تضمن أداء الفرائض والنوافل، والابتعاد عن المعاصي والآثام. أن تضع لها ولأسرتها جدولاً تنظم فيه أوقات الصلوات الخمسة وان يتعهدوا أن يؤدوها جميعهم في وقتها، وبخشوعها التي أراده الله تعالى ، وأن يهرع أبناؤها الذكور إلى المساجد لأداء الفريضة جماعة. ومن ثم أن يضبط كل أفراد البيت لسانه وجنانه فلا للقول البذيء ولا لآفات اللسان من غيبة ونميمة وكذب طوال شهر رمضان، وأن يبتعدوا عن آثام القلب؛ كالحقد وسوء الظن، وأن يتحلوا بالعفو والتسامح والحلم وغيرها من العبادات القلبية النبيلة.
وكذلك على الأم أو الزوجة أن تنظم المناسبات الاجتماعية فلا تطغى على العبادات ولا تضيع أثمن الأوقات، وأن يبيتوا النية خالصة لله تعالى في كل عمل من الأعمال؛ كأن يفطرون صائماً، وأن يصلوا الأرحام ويحسنوا الجوار، وأن يستغلوا وقتهم بكل ما هو مفيد؛ فلا يسمح بمشاهدة التلفاز طوال الوقت، حتى وإن كانت برامج مباحة، فلا وقت للاكثار من المباحات في الشهر الفضيل ، ولا يسمح – أيضاً- بقضاء النهار بالنوم أو اللعب او بأي عمل مباح من شأن المرء أن يفعله في أي شهر آخر، بل عليه أن يستغل كل لحظة في طاعة الله تعالى وذكره ، والعمل او الدراسة في النهار. فإن كان الفرد طالب علم كان له اجر عند ربه إذا ابتغى الأجر، وأخلص النية له سبحانه. وإن كان عاملاً؛ فالعمل عبادة وسيجزيه الله خير الجزاء بنيته الصالحة وبعمله النافع.
وعلى الأم في رمضان ألا تضيع وقتها في المطبخ للطهي، وصنع ما لذ وطاب من الحلويات والمقبلات وغيرها؛ إذ إن عليها ضبط ذاك الوقت وتحديده، فرمضان ليس شهر السمنة والطعام بل هو شهر العبادات والصيام. لذا عليها أن تنظم وقتها، وأن تصلي لربها، وتحسن معاملة زوجها وأبنائها، أن تقرأ وردها من القرآن الكريم، وتذهب لصلة رحمها إن وجدت وقتاً لذلك، كما أن عليها تجنب آفات اللسان أو الاكثار من المحادثات والاتصالات التي لا جدوى منها عبر وسائل الاتصال، وأن تستغل هذا الوقت في الاستماع لبرنامج ديني أو تربوي أو قراءة كتاب فقهي تتفقه به في دينها، وأن ترى شؤون بيتها على أكمل وجه.
على الأم أن تصنع تغييراً جذرياً في نفسها، وفي بيتها خلال شهر رمضان؛ فتصوب أخطاء أبنائها، وتجزي محسنهم جزاء وفيراً، فتحدثهم بما ينفعهم في ديناهم ودينهم، وتخصص وقتاً يومياً لهم تسمع منهم وتعلمهم ما يجهلونه . ومن ذلك أن تحثهم على حفظ القرآن الكريم، وتلاوته والعمل به في رمضان خاصة، وأن تتغيير العادات السلبية بعادات ايجابية وأن يتعاهد جميع أفراد الأسرة على أن يكونوا أفضل من ذي قبل ، وألا يعودوا لعاداتهم السيئة بعد رمضان، وأن يحافظوا على الصدقة والاحسان والتكافل مع أفراد المجتمع، والحرص على قيام الليل والدعاء والاستغفار، فبذلك يكونون أفراداً صالحين في دنياهم، فائزين في آخرتهم.
فكم نحن حالياً بحاجة ماسة للأم الصالحة المربية، صاحبة التغيير الايجابي، الأداة الفعالة لبناء المجتمع الإسلامي!! فصدق من قال:
" الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق "
المقالات المتعلقة بكيف تستعدين لرمضان