خلق الله تعالى الإنسان وجعله يحب الناس والاختلاط، لذلك يلجأ أي فرد إلى البحث عن الأصدقاء الذين يخففون عنه غربة الأيام؛ فهم مصدر الراحة والملجأ في لحظات الفرح والحزن، فكما يُقال "رب أخٍ لك لم تلده أمك"، ولكن عملية اختيار الأصدقاء يجب أن تتمّ وفق معايير من أجل أن يكون الاختيار صحيحاً، ويكون هذا الصديق هو فعلاً صديق وليس غير ذلك، فالشخص على دين خليله، وقالوا "قل لي من تصاحب أقل لك من أنت".
حثّنا الرسول صلى الله عليه وسلم على حسن اختيار الصديق لأنك في النهاية ستكتسب منه بعض الصفات، فكم من شخص تغيرت صفاته للأسوأ بسبب صديقٍ سيء، وفي المقابل كم من شخص تغيّر للأفضل بسبب صديقٍ جيد ، لذلك فالعملية ليست سهلة.
كيفية اختيار الأصدقاء * تأنّى في اختيار الصديق: يجب عليك قبل أن تتخذ أي شخص كصديق أن تختلط به وتعاشره للتأكد من أخلاقه وصفاته وسلوكه؛ فالشخص الذي تتخذه كصديق سيطّلع على خصوصياتك وأسرارك وسيعلم نقاط ضعفك وقوتك، لذلك لا بد من أخذ الوقت والتأني قبل إدخال أي شخص لحياتك كصديق، وحاول مراقبته من دون أن يلاحظ حتى تتأكد منه ومن صفاته التي شاهدتها منه، لأن الشخص في الغياب يرجع الى طبيعته ولا يتصرّف إلا بما نشأ عليه. * حاول اختباره بعدّة اختبارات للتأكد من صدقه وإخلاصه لك، مثلاً حاول التحدّث بسوءٍ عن صديقٍ له فإن استجاب إليك وبدأ بالحديث فلا تحاول مصادقته أبداً لأنه سيتحدث عنك وعن أسرارك أيضاَ فيما بعد، أو حاول اللجوء إليه في وقت ضيقك؛ فالصديق وقت الضيق وسيظهر ما في داخله، فالصديق الحقيقي يقف الى جانب صديقه في ضيقه قبل فرحه ويقدّم له التضحية دون مقابل، وإذا استطعت أن تخرج معه في سفر فإنه اختبار ممتاز، فالسفر بسبب مشاقه وتعبه يُظهِر معدن الشخص وصفاته، وهكذا كان يفعل العرب قديماً. * ابحث عن الشخص الذي لديه مخافة الله ولديه الالتزام الديني، وصاحب العقل الرزين والحكمة؛ فالصديق الذي صلته بربّه ضعيفة ولا يمتاز بالحكمة سيسبّب لك الكثير من المشاكل والمتاعب؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم ((لاتصحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي))، فهذا المؤمن سيحافظ على بيتك وسرك ولا يستغله في لحظات الغضب أو الخصام. * حاول اختيار من هم في توافق معك من ناحية السن والحالة الاجتماعية والأفكار والعادات، فهذه الأمور تقرّب القلوب من بعضها.
