خلق الإنسان قرر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز الهدف والغاية التي خلق الناس من أجلها، بقوله سبحانه (وما خلقت الإنس والجن إلاّ ليعبدون )، والإنسان هو خليفة الله تعالى على الأرض وهو مأمورٌ بعمارتها وإصلاحها وفق المنهج الرّباني الّذي أنزله الله تعالى على رسله، وإنّ العلاقة بين الإنسان والله سبحانه وتعالى هي علاقة بين ربٍّ وعبده؛ فالله سبحانه هو ربّ العالمين الّذي خلق كلّ شيء، والإنسان ما هو إلا عبدٌ مخلوق من مخلوقات الله الكثيرة التي ميّزها الله بنعمة العقل والتّكليف وكرّمها على كثيرٍ ممّن خلق وأسبغ عليها نعمه ظاهرةً وباطنة.
كيف تتعامل مع الله؟ إنّ العلاقة بين الله تعالى وعباده هي علاقة خاصّة يجب أن يراعي فيها المسلم آداباً ومسائل كثيرة في تعامله مع ربّه جلّ وعلا، وإنّ كيفيّة التّعامل مع الله سبحانه ترتكز على أسسٍ نذكر منها :
- إيمان العبد بأنّ الله سبحانه وتعالى هو وحده صاحب الكمال المطلق؛ فهو سبحانه يمتلك من الصّفات العلى ما تجعل الإنسان يطمئن أنّ كلّ ما شرعه الله تعالى وسنّه هو خيرٌ له في الدّنيا والآخرة، وأّنّ صلاح حياته واستقامتها وسعادتها لا تتحقّق إلا باتباع هذا المنهج الرّباني القويم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
- البعد عن الأعمال الشّركيّة التي تخدش علاقة العبد بربّه سبحانه؛ فالمسلم حريصٌ على توحيد الله تعالى من خلال أفعاله وأقواله، فلا يعمل عملًا من شأنه أن يخلّ بمعنى التّوحيد مثلما تبتدعه بعض الجماعات والفرق من أعمال التّوسل بقبور الصّالحين والأولياء وغير ذلك، فالمسلم يتعامل مع ربّه سبحانه على أنّه هو الوحيد المستحقّ للعبادة وهو الوحيد المستحقّ للتّوجه إليه بالرّجاء والدّعاء وتسليم القلب والمناجاة والاستغفار .
- إيمان العبد بأنّ الله تعالى قريبٌ من عباده فلا يهلك المرء نفسه بالقلق والتّوتر والخوف من عدم سماع دعائه، قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام (اربعوا على أنفسكم فإنّكم لا تدعون أصمًّا ولا غائبًا إنّما تدعون سميعًا بصيرًا أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) .
- الصّبر في الضّراء والشّكر في السّراء؛ فالمسلم في تعامله مع ربّه سبحانه يصبر على أيّام الشّدة التي تمر عليه ويسأل الله تعالى الفرج، وفي أوقات الفرح والسّراء يشكره سبحانه على ذلك، فالمسلم لا يكون كالعبد السّوء إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط.
- دعاء الله تعالى بأحبّ الأسماء إليه؛ فالمسلم يستفتح دعاءه بالثّناء على الله تعالى وذكره بأحبّ الأسماء إليه.
- استشعار عظمة الخالق سبحانه في القلوب؛ فالمسلم دائمًا يتذكّر عظمة الله سبحانه وتعالى حين يقف بين يده، وفي الأثر عن أحد الصّالحين أّنّه كان يصفرّ وجهه حين يقف بين يدي الله، فيقال له لم ذلك فيكون ردّه، أتدرون أمام من أقف؟ جعلنا الله جميعًا ممّن يحسن التّعامل مع ربّه جلّ وعلا.