إنّ من أعظم الصّفات التي يتحلّى بها المسلم صفة التّقوى، فالتّقوى ومن معانيها اتقاء شرور الدّنيا وزينتها ومهلكاتها، والنّجاة من ذلك كلّه بالوصول إلى برّ الأمان وهو رضا الله تعالى وجنّته، وإنّ التّقوى إذا أردنا أن نصوّرها تصويراً بليغاً كحال رجلٍ في سفينة يمخر بها عباب البحر، فتراه في رحلته هذه يتجنّب أمواجها العالية، ويبتعد عنها حتى لا تغرق سفينته، وهو كذلك ينظر إلى ما قد يراه من عقباتٍ وصخورٍ في مسيرته حتى يتجنّبها، وتراه كذلك إذا أحسّ بأنّ سفينته قد تغرق بما أكثر حمله فيها من متاع، تحلّل من هذا المتع ورماه وراء ظهره ليكمل مسيرته نحو الهدف المنشود وبرّ الأمان المطلوب، وبرّ الأمان الذي ينشده المتّقون دوماً هو رضوان الله تعالى وجنّته، ويتساءل الكثير من المسلمون عن كيفيّة أن يكون الإنسان من المتّقين، فنقول له، إنّ ذلك يكون بالتّحلي بصفات المتّقين ومنها :
- قد وصف الله تعالى عباده المتّقين في عدّة صفاتٍ في مواطن كثيرةٍ في كتابه العزيز، فأوّل آيات كتاب الله تعالى تحدّثت عن صفاتٍ للمتّقين ومنها، أنّهم يؤمنون بالغيب، والغيب قد بيّنته آيةٌ أخرى، فمن علم الغيب أنّ الله تعالى عنده علم السّاعة، ويعلم ما في الأرحام، ويعلم كذلك موعد نزول المطر وجريان السّحاب، ومن صفات المتّقين كذلك الذين يقيمون الصّلاة، فإقامة الصّلاة على وجهها الذي يرضي الله تعالى وعلى وقتها بخشوعٍ واستحضارٍ لعظمته سبحانه هو من علامات التّقوى، وكذلك من العلامات أنّهم ممّا رزقهم الله تعالى ينفقون، فهم يعلمون بأنّ المال هو مال الله تعالى وهم مستخلفون فيه، وهم كذلك يؤمنون بالكتب السّماوية التي أنزلت على رسل الله جميعاً.
- كما اشتملت آياتٌ أخرى على صفاتٍ للمتّقين منها أنّهم إذا فعلوا فاحشةً ذكروا ربّهم جلّ وعلا فسارعوا إلى الاستغفار والإنابة، ولم يصرّوا على ذنوبهم التي اقترفوها، كما أنّ عباد الله المتّقين هم من يمشون على الأرض مشية تواضعٍ، لا تكبّر فيها ولا خيلاء، وإذا خاطبهم الجهلاء لم يردّوا عليهم واجتنبوهم، وهم يبيتون لربّهم سجداً وقياماً، ويتفكّرون دائماً في خلق السّموات والارض، فيعلمون بأنّ الله تعالى لم يخلقهم عبثاً، ولم يتركهم هملاً، بل استخلفهم في الأرض ليعبدوه وينظر ما يفعلون .
- وأخيراً على الإنسان الذي ينشد أن يكون من المتّقين أن يدعو الله تعالى أن يوفّقه لأن يكون من أهل التّقوى والصّلاح فهو سبحانه أهل لذلك والقادر عليه .