هو كلام الله المُعجِز المَنزِل على النبّي محمد صلّ الله علبه وسلّم بواسطة الوحي جبريل، المُتعبّد بتلاوته، المبدوء بسُورة الفاتحة ومنتهِي بسورة النّاس. نزل القُرآن الكريم على النبيّ مُتفرق، وذلك ليُثبّت فؤاد النّبي، وكان النّبي يُعلّم الصّحابة خمس آيات فيحفظوها ويفهمُوها وبعدها يُعلّمهُم خمس آيات أخرى، القرآن الكريم هو المُعجِزة التي واجه بها النبي اليهود والكُفار، والذي يقرأ القُرآن، ويتمّعَن به يُدرك قُدرة الخالق، وعِلم القرآن هو أسمى العُلوم، فكيف أستطيع حِفظ القُرآن بسُرعة؟
عند اتّباع نِظام لحِفظ القُرآن عليك عقْد النّية في أنّ نِيتَك لوجه الله تعالى، وأنّك تبتغِي رضا الله عزّ وجل فالذي خَلقَك في أحسَن تقويم يحتاج منْك شُكرُه على نِعمِه التي لا تُحصى، ويكون شُكر الله في الطّاعة المُستمِرة دون انقطَاع حتى يزيدك الله من نِعمه فالله عزّ وجل يقول"وإنْ شكرتُم لأزيدنَكُم"
حِفظ القُرآن ليس فَرض على المُسلِم بل هو مُخيّر بحِفظ الآيات، وعند معرِفة ما يعود علينَا منْ خيْر سيُشّجعُك على الحِفظ، لأنّ حِفظ القُرآن داخل الصُدور يعني الخير في الدُنيا منْ زوال الهُموم والأحزان والنُور والسّعادة، أما في الآخرة قد يكون القُرآن الكريم شَفيع لصاحِبِه يوم القِيامة، يكون القُرآن أنِيس لك في القَبر، فسُورة المُلك تمنعُ عذاب القبر فعِندما تأتي الملائكة للتعذيب، يُقال لهم: أمهلوه فقد كان يقرَأ سُورة المُلك، ففي اليوم التالي تعود مَلائكة العذاب فيُقال لهُم أمهِلوه، ويتكرّر هذا حتى تأتي يوم القيامة دون أنْ يُعذَب، ففضْل سُورة المُلك كأنها تقِي عنه العذاب هذا بالذّي يقرأ القُرآن فما بالك بمِنْ يحفظهُ، ومنْ إعجاز القُرآن أنّ بعض المواضيع يوجد فيها إعجاز فلا نعلَم معنى تفسيرَها كحُروف بداية السُور "ألَم، كهيعص "فهذه الأحرُف لا يعلم بمعناها سِوى عالِم الغيب، ويتّم إعطاء امِتيازات لحامِل القُرآن بأنّه يتعلّم تفسير هذه الإعجازات في القَبر، وقد يكون القُرآن واقِي من حرّ يوم القِيامة، فمِنْ فضل سورة البقرة وآل عِمران، يؤتى يوم القيامة بغمامَتين لقارِئ سُورة البقرة وآل عِمران، فتقِيه من حرّ يوم الحَشْر، قد يكون القُرآن سبب في دُخولِك للجنّة، يقول النبي صلّ الله عليه وسلم (القرآن اقرَأ وارتقِ ورتّل كما كُنت تُرتِل في الدنيا فإنّ منزلك عند آخر آية تقرأها) هذا لقارئ القُرآن، فما بالك بحافظه؟!
تكون الثّقَة بالله عزّ وجل، أنّه سيُعينُك على حِفظِه، وإنْ تصّعبتَ في الحِفظ فعليك بالدُعاء، فهو قريب يُجيب دعوة المُضطر إذا دَعاه، كذلك الثّقة بالنّفس، أنّك قادِر على حِفظِه، فثِقتُك بنفسِك ستتعزّز فيك تشجيعك على المُداومة على الحِفظ، فكم من فاقِد للبَصر وثَقَ بربِه، ووثق أنّه يستطيع حِفظ القُرآن.
في هذه الورقة دون عدد الآيات التي تنوي حِفظَها في اليوم، ومجموع السُور التي ستحفظَها في شهر، حتى تأتي آخر الشّهر وترى هل استطعتَ أنْ تسير على هذه الخُطّة بطريق صحيح أم لا، فلو فرضنا أنّ خُطتَك هي حِفظ خمس آيات في البداية، وذلك للتدّرُج في الحِفظ فالبداية دائماً أصعب، أما في الأسبوع الآخر تزيد منْ عدد الآيات، ويتّم الحِفظ من خلال تحديد هذه الآيات، واختِيار الوقت المُناسِب لحِفظها وتِكرار ترتِيلك للآيات طوال اليوم، فعند صَلاتِك اجعل هذه الآيات من السُور التي تقرأها، وإذا خرجتَ وركِبت السّيارة كرّر الآيات طوال الطّريق، وإذا ذهبت للعمَل راجِع الآيات في وقت فراغِك، وقبل النّوم لا تنام قبل مُراجعة الآيات في عقلِك، فتنام وآخر فعل تقوم به هو قِراءة القُرآن، هل لاحظت معي أنّ هذا اليوم قد شغلتَهُ بذكر الله عزّ وجل، فتجنِي السّعادة والطّمأنينَة طَوال اليوم، وتكسب حِفظ الآيات.
يُفضّل حِفظ القُرآن في الأوقات المُناسِبة للحِفظ فيكون فيها العَقل قادِر على الحِفظ مثل حِفظ القُرآن بعد صلاة الفَجر وبعد صلاة العِشاء لأنّ بعد صلاة الفجِر يكون العقل في أكثر حالات التّركيز، وبعد العِشاء يكون هُناك تركِيز ونِهاية الأعمال المَطلوبة منْك فتتفرّغ للحِفظ ببالٍ مُرتاح فلا يكون عقلَك مُشتّت، فتستطيع الإنجاز في الحِفظ، وهذا من فَضل قراءة القرآن بالليل، منْ قام اللّيل بألف آية كُتِبَ من المُقنطِرين،"اللهم اجعلنا من المقنطرين"، والألف آية هي جُزء عمّ وتبارك وسُورة النّاس مرة أخرى، عدد آيات جزء عم 564، وعدد آيات جزء تبارك 431، فيُصبح المجموع ألف آية، ولِمنْ قام بمائة آية كان من القانطين كثيرين العِبادَة.
عند البِدء بالحِفظ عليك باستنشاق الهواء ثلاث مَرات على الأقل وذلك ليُغذّي الأكسجين الدّماغ، ويُهيئُه للعَمَل، اجعل جميع حواسِك وأفكارِك جميعها مُتجِهَة نحو أدائك للحِفظ، فلا فائدة للحِفظ في بال غير مُرتاح، أو عقل مُشّتت، فللتركيز سِحرُه الخاص عند الحِفظ، زاد التّركيز، فكُلما قلّ الوقت والجُهد الذي ستبذلُه في الحِفظ، فجرّب في أحد المرّات الحِفظ ببال مُرتاح وتركِيز عالي، سترى الكِميّة الكبيرة التي ستُنجزُها في الحِفظ على العكس لو كانت أفكارَك مُشتتّة، ستبقى تردد في الآيات طوال اليوم، وفي النّهاية ستجِد أنّك لم تُنجِز شيء، ومنْ الطُرق التي قد تُبعِد عنك عدم التّركيز، كثيرة أهمها تغيير المكان الذي تجلِس فيه، إثّارة دافعيتَك بأنّك إذا انتهيت من الحِفظ ستأكُل الشُوكولاتة مثلاً، وكذلك يُمكنُك القراءة بصوت مُرتفِع فهو يزيد التّركيز، والحِفظ بوقت أسرَع، كذلك يُمكنُك الاستنشاق ثلاث مرات وقول أنا مُركِز، فهذا سيجعل عقلَك الباطِن مُتجّه نحو التّركيز.
باتباعِك لهذا النّظام بشكل يومي يُصبح هذا بالنسبة لك روتين، وستجِد بعد فترة أنّك تحفَظ بسُهولة أكبر، وهذا لأنّ عقلَك يُصبح لديه قُدرات ومهارات في الحِفظ فإذا اتبّعتَ النّظام في استيقاظِك لصلاة الفجر، وبعد الصّلاة تستعِذ من الله عزّ وجل وبدأت تُرتّل آيات القرآن، ثم فهْم معاني هذه الآيات، ومعرِفة القِصص التي تسبّبَت في نُزولها، من المُؤكّد أنّك ستعتقِد أنّ فهمِك للآيات سيزيد عليك العِبء، لكنّه على العكس ففهِم معاني الآيات، يزيد المُتعة في الحِفِظ، ويُسّهِل عليك الحِفْظ فالعقل يصعُب عليه حِفظ المُعقّد غير المفهوم.
كما يقول المَثل التّكرار يُعلّم الشُطار، كذلك الأمر مع حِفظ القرآن، فالتّكرار يزيد من قُوة الحِفظ للآيات، ويُقلِل نسبة النّسيان، فالحِفظ يجب أن يتبعهُ المُراجعة والتّكرار، لأنّ الحِفظ دون مُراجعة قد يُفقدُك ما حفِظتهُ، لأنّ الحافِظ عندما يحفظ، يضع ما قام بحِفظِه في ذاكرة مُؤقتَة، وعندما يُكرر ويُراجِع ما حفظهُ تذهب المعلومات إلى الذّاكرة المُؤقتّة، لذلك المُراجعة والتّكرار أهمية تُساوي عملية الحِفظ.
(اللّهُم عَظّم رغبتي في القُرآن، واجعله نور لبصرِي، وشِفاء لصدْري، وذهاباً لهمّي، وحُزنِي، اللهم زيّن بِعدّه لِساني، وجمّل به وجهي، وقوّي به جَسدِي، وثقّل به مِيزاني، وارزُقني حقّ تلاوتِه، اللهم قوّني على طاعتِك آلاء اللّيل وأطرافَ النّهار، واحشُرنِي مع النبي صلّ الله عليه وسلّم، واجعلني من الأخْيار)
وهناك أدعيّة لمنْ خشيَ نِسيان القُران بعد حِفظِه: (اللّهم نوّر بكتابِك بَصري وأطلِق به لِساني واشرحْ به صدرِي واستعمِل به جسدِي بحولِك وقُوتِك فإنّه لا حولَ ولا قوة إلا بالله).
المقالات المتعلقة بكيف احفظ القرآن بطريقة سهلة