يُعتبر الإنسان أحد الكائنات الاتّكاليّة منذ طفولته، فالإنسان لديه إحدى أكبر فترات الحضانة بين الكائنات الحيّة، وهي التي تختلف من شخصٍ إلى آخر ومن بلدٍ إلى آخر أيضاً، وبسبب الاعتماد الكبير للأبناء على آبائهم وخاصّةً في بلداننا العربيّة فإنّ الأطفال يكبرون دون أيّ ثقةٍ بأنفسهم، ويكبر هذا الأمر معهم فنرى جيلاً كاملاً من الشّباب في الوقت الحاليّ لا يمتلكون أيّ نوعٍ من الثّقة بأنفسهم سواءً في الجامعات أو المدارس أو في العمل حتّى، وهذه هي إحدى أكبر المشاكل التي تواجه المجتمعات وأخطرها، فإن لم يثق الشّباب بأنفسهم فلن يتمكّنوا من جعل أحدٍ يثق بهم ولن يتمكّنوا من الإبداع وتطوير المجتمع بالاعتماد على قدراتهم لخوفهم من الفشل.
كيفيّة زيادة ثقة الأبناء بأنفسهمإنّ زيادة ثقة الأبناء بأنفسهم تبدأ منذ نعومة أظفارهم وتزداد بشكلٍ تدريجيّ، فمن الطّبيعيّ أن يعتمد الطّفل على والديه بشكلٍ كاملٍ في السّنة الأولى من حياته، إلّا أنّ هذا الأمر يجب أن يقلّ شيئاً فشيئاً، وعندما يصل الطّفل على سبيل المثال إلى قرابة السّنة يبدأ بتعلّم المشي وهي أولى الأمور التي يعتمد فيها على نفسه، فالطّفل يولد وهو يملك الثّقة بنفسه ولا يخاف من العواقب والمستقبل، إلّا أنّ حرص الأهل الزّائد على أطفالهم قد يولّد الخوف لدى الأطفال ويجعلهم أشخاصاً اتّكاليّين في كثيرٍ من الأحيان، فقد يمنع الأهالي أولادهم من القيام بالعديد من الأمور خوفاً عليهم من الإصابة بالأذى نفسيّاً أو جسديّاً، فلا بدّ للأولاد أن يعلموا أنّ الفشل أمرٌ طبيعيٌّ لا بدّ أن يشعر به النّاس خلال حياتهم، وأنّ الأخطاء تزيد الإنسان خبرةً، فمن الجيّد أيضاً في بعض الأحيان أن يُخطئ الأهل أمام أطفالهم كي يعلّموهم أنّه لا بدّ أن يرتكب الأطفال الأخطاء في حياتهم.
على الأهل أن يجعلوا أطفالهم يتّخذون بعض القرارات بناءً على سنّهم وخبرتهم، فلا يجوز أن تُتّخذ جميع القرارات المتعلّقة بحياتهم من قبل الأهل مع إجبارهم على العمل بها، فمن الممكن أن يُعطى الطّفل ذو الثّلاث سنين بعض الخيارات حول ما يريد تناوله على الغداء، وتزيد هذه القرارات بينما يكبر الطّفل، فتجعله يقرّر ما يريد أن يلبسه عندما يكبر قليلاً وهكذا، ففي المجتمعات العربيّة وللأسف يتخرّج الطلّاب من المدارس ويقرّر أهلهم تخصّصهم الجامعيّ، ومن ثمّ يتخرّجون من الجامعة ويقرّر لهم أهلهم ما عليهم عمله وممّن سيتزوّجون، بالإضافة إلى جميع القرارات المصيريّة في حياتهم، فكيف لمثل هؤلاء الأولاد أن يثقوا بأنفسهم ولو بشكلٍ بسيطٍ جدّاً!
خلال الفترة التي يتّخذ فيها الأطفال القرارات ويخطئون فإنّ على الأهل السّماح لهم بالتّجربة والخطأ واكتساب الخبرة من هذه الأخطاء، ويجب الابتعاد عن توبيخهم عليها إلّا إن كانت أخطاءً كبيرةً جدّاً أو لها علاقة بالآداب العامّة، فمن المهمّ أيضاً أن يتعلّم الأطفال الآداب العامّة، فلا يجوز إعطاؤهم الحريّة المطلقة في اتّخاذ جميع القرارات في حياتهم، ممّا قد يزيد ثقتهم بشكلٍ خاطئٍ فيتعدّون على القانون وحرّيّات الأشخاص الآخرين.
على الأهل أيضاً أن يعلّموا أولادهم مساعدة الآخرين، ممّا يزيد ثقة الأبناء بأنفسهم بشكلٍ كبير لشعورهم بأهميّة وجودهم وتأثيرهم في المجتمع، وفي النّهاية يمكن محاولة جعل الأطفال يقضون وقتاً أكثر مع كبار السّنّ، فعندما يقضي الطّفل وقته مع الكبار والبالغين فإنّ هذا الأمر يساعده على التّطوّر بشكلٍ أكبر، واكتساب الثّقة بنفسه، كما يزيد من قدرته على التّعامل مع أشخاص أكثر منه خبرةً.
المقالات المتعلقة بكيف أزيد من ثقة ابني بنفسه