الكتابة تتعدد الدوافع وراء اهتمام الأشخاص من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية بالكتابة؛ حيث إنّها تمثل أحد أهم وسائل التعبير عن المشاعر التي لا يستطيعون البوح بها أمام الآخرين مباشرة، وتمثّل الكتابة بمختلف أشكالها أحد وسائل الحفاظ على ثبات الحالة النفسية، وتحفيز الإبداع وعمل العقل لدى ممارسيها، حتى إنّ العديد من مدارس العلاج النفسي تعتمد الكتابة كأحد أشكال العلاج. ومن الشائع في الدول الغربية وجود دفتر يوميّات أو خواطر شخصي يُدوّن فيه المرء الأفكار أو الأحداث التي تعرّض لها أثناء اليوم ومشاعره تجاهها.
الخاطرة هي إحدى أشكال الكتابة الأدبية التي مارسها العديد من الأدباء المشهورين حول العالم، وتقترب الخاطرة من القصة القصيرة من حيث البناء والأسلوب، كما يمكن أن يحدث امتزاج كبير بين شعر النثر المنتشر حديثاً والخاطرة، إلّا أنّ ما يميّز الخاطرة عن غيرها أنها تعبر عن ذات الكاتب فقط وتتعمّق في المشاعر والأفكار بخلاف الشعر والقصة اللذين يتناولان قضايا ومشكلات أكثر عمومية.
كيفية كتابة الخاطرة - الموقف: لا تعتمد الخاطرة على فكرة محددة بالمعنى المتعارف عليه في كتابة القصة أو الرواية، إنما تتكوّن في الأساس من مجموعة من الأفكار التي تتوالد من حدوث موقف معين يمر به الكاتب أو يراه، ومع ذلك يجب الانتباه إلى أنّ الحديث عن الموقف سيحول الخاطرة إلى قصة، لذا تجب التفرقة بين الحالتين.
- الأسلوب: الخاطرة الجيدة هي التي تتميّز بأسلوب بسيط يصل بالأفكار إلى القارئ بسهولة، مع الاهتمام بأن يرافق هذا جمال الأسلوب وتميزه فلا تكون الجمل تقريرية ككتابة خبر صحفي، بل يتّجه الكاتب إلى بدء الخاطرة بعرض مشهد أو رواية نادرة، ومنها ينتقل إلى عرض بقية الأفكار في تتابع لطيف.
- اللغة: تعدّ اللغة هي وعاء الفكر، وبها تعرف ثقافة المرء ودرجة إجادته لما يكتبه، خاصّةً إن كانت الكتابة تأخذ طابعاً أدبياً يحتفي باللغة ويمجدها ككتابة الخواطر التي من المفترض أن تجذب القارئ إلى شاعريّة أفكار الكاتب، وتجعله يرى الكون من نفس وجهة نظره. يجب أن تحتوي الخاطرة على لغة عربيّة صحيحة وقوية من حيث القواعد النحوية وانتقاء الألفاظ المناسبة والبسيطة في آن، وأن يعتمد الكاتب على أن يوصل المعنى من خلال التشبيهات والاستعارات والأدوات الجمالية المختلفة التي تذخر بها اللغة العربية، كما يجب أن يحافظ الكاتب على علامات الترقيم من أجل إبراز الجمل وتسهيل عملية القراءة على الآخرين.
- الثقافة: إنّ كل ما ذكر آنفاً يجب أن يكون مدعوماً بثقافة عالية من الكاتب وقراءات متعدّدة في مختلف المعارف لتكوين صورة أكثر شمولاً عن العالم وتحسين القدرة على التعبير عنها من خلال الكتابة.