إنَّ للصّلاةِ عند المسلمين مكانةً عظيمةً؛ فهي من أوائل ما فُرِضَ الله عليهم من العبادات، وأولُ عملٍ يُحاسَب عليه العبد يوم القيامة. وقد فَرَض اللهُ على المُسلمين خمس صلواتٍ في اليوم، وهي الفجرُ، والظّهرُ، والعصرُ، والمغربُ، والعِشاء. ولكلّ صلاةٍ عدد ركعاتٌ معلوم وكيفيّةٌ واضحة مفهومة؛ فتقام في المساجدَ، وهي بيوتُ الله، على شكلِ جماعة، أو بشكلٍ فردي، ولكنّ الأفضليه في أنْ تُصلَّى جماعةً؛ لأنَّ صلاةَ الجماعةِ أعظمُ أجراً من صلاةِ الفرد، لقوله عليه الصّلاة والسّلام: (صلاةُ الرجلِ في الجماعةِ تُضَعَّفُ على صلاتِه في بيتِه، وفي سُوقِه، خمسًا وعشرين ضِعفًا)،[١] يصطفُ فيها سائرُ المسلمين الحاضرين في المسجدِ خلف إمامٍ واحد.
الصّلاة عند المسلمينهي الركنُ الثّاني من أركانِ الإسلام،[٢] وقد فُرِضَتْ على المسلمين في ليلة الإسراء والمعراج حين عُرِجَ بالنبيّ عليه الصّلاة والسّلام إلى السّماء العُليا،[٣] فهي فرضٌ على كلِّ مسلمٍ بالغ عاقل، ذكراً كان أو أنثى.[٤] يقومُ المسلمون بتأدية الصّلاة خمس مرّات في اليوم، تفصيلُها كالآتي:[٤]
شروطُ الصّلاةِ تسعة، وهي: أن يكونَ الشّخصُ مسلماً، بالغاً أو قادراً على التّمييزِ، عاقلاً؛ وهذه الشّروط الثّلاثة هي شروط وجوب الصّلاة، وأنْ يتوضأَ، ويُزيلَ النّجاسة، ويسترَ عورتَهُ، فينتظرَ دخولَ الوقتِ، ثم يستحضرَ النيّة، ويُوجِّهَ وَجْهَهُ نحو القبلة؛ وهذه الشّروط هي شروط صحّة الصّلاة.[٤]
أساسيّاتُ الصّلاةأساسيّات الصّلاة هي أركانها وواجباتها، حيث إنَّ هذه الأساسيّات إذا تركها المُصَلِّي عمداً فإنَّ صلاتَه تكونُ باطلةً، وإذا سَهَا عنها يسجدُ سجوداً السَّهْو كي تصحّ صلاته.[٤]
أركانُ الصّلاةتقسم أركان الصّلاة إلى ما يأتي:[٥]
تقسم واجبات الصّلاة إلى ما يأتي:[٥]
هناك ثلاثةُ احتمالاتٍ لمن فاتته الصّلاة:
مسلمٌ تركَ الصّلاةَ عمداً أو سهواًمن ترك الصّلاة عمداً ناكراً لوجودها وجاحداً بها كَفَر إجماعاً، أمّا من تركها تكاسلاً وتهاوناً فهذا قد شابه المُنافقين وعليه التّوبة النّصوح إلى الله عز وجل عازماً على ألا يعود لذلك التّهاون والتّكاسل، فهذا تكفيه التّوبة ولا قضاء عليه. أمّا من تركها سهواً أو لعذر، كمرض أو نوم، فعليه قضاؤها، فإن كان يعلم عدد ما فاته منها قضاها وإن لم يعلم ما فاته من صَلوات قدّرَ ما فاتَ حتّى يتيقّن براءة ذمّته، وعليه أن يُثبّت نفسَه على الصّلاة، وأن يُؤدّيها في أوقاتها المعروفة قدر الاستطاعة.[٦]
مسلمٌ اعتَنَقَ الإسلامَ حديثاًقال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام في ذلك: (الإسلامُ يَجُبُّ ما قَبلَهُ)؛[٧] أي أنَّ من دخلَ الإسلام حديثاً فإن إسلامه يمحي كل إثم قد سبق وكل مُوجب قد وَجَب، فلا يكون عليه قضاء لصلاة فائتة أو صيام، أو غيرها من العبادات التي تتطلّب القضاء.
المسلمةُ في الحيضِ والنِّفَاسمعروفٌ أنَّ المرأةَ الحائِض لا تصوم ولا تُصلّي ولا تمس كتاب الله؛ ذلك أنَّها على غير طهارة، ولذلك قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام عن النساءِ أنَّهُنَّ ناقصاتُ عقلٍ ودين، ولمَّا كانَ الحيضُ يرافقُ المرأةَ لستّةِ أيام أو يزيد في الشّهر الواحد، وكذلك النِّفاس يطول على المرأة التي تضع طفلاً، فقد يصل إلى أربعين يوماً يقلّ أو يزيد، فَأَمْرُ القضاء يشقّ عليها؛ لذلك أُعْفِيَتْ المرأةُ من قضاءِ ما فاتها من صلاةٍ في حيضها ونفاسها، مع وجوب قضاء الصّيام.[٨]
كيفية قضاء الرّكعات الفائتةيتحتّم على المسبوق قضاء الركعات الفائتة، وعليه، فيما يأتي تعريف لمن هو المسبوق من الجماعة، ومن هو المُدْرِك للجماعة، وكيفيّة قضاء المسبوق لما فاته من ركعات، وكيف يُصبح المسبوق إماماً، وحكم المسبوق في صلاةِ الجمعة وتكبيرات العيد وفي صلاة الجنازة:
المَسْبُوْق للجماعةالمسبوق هو المُصَلِّي الذي وصلَ المسجدَ مُتأخراً، فوَجَد أنَّ الإمامَ قد فاته بركعةٍ أو أكثر، وتفوتُ الرّكعةُ برفعِ الإمام من الرّكوع واستوائه مُعتدلاً.[٩]
المُدْرك للجماعةالمُدرِك هو المُصلي الذي يحضر تكبيرة الإحرام مع الإمام، فلا تفوته أيّة ركعة.[٩]
قضاء المسبوق ما فاته من ركعاتيقوم المسبوق -وبعد تحقيق شروط الصّلاة المذكورة سابقاً- بتكبير تكبيرة الإحرام، وينضم إلى الجماعة ليُتِمّ الصّلاة معهم، فلا يُصلّي سُنّةً قبليّةً ولا تحيّة مسجد، ثم يُكمِل ما فاته من ركعات بعد أن يُسلّم الإمام وينتهي من الصّلاة، مع مراعاة التّرتيب في الصّلاة، ويكون التّرتيب في الرّكعات على أساس صلاة الإمام، فإذا فاتته ثلاث ركعات في الظّهر على سبيل المثال، يُصلي مع الإمام ركعةً واحدةً، ثم يقوم بعد أن يُسلّم الإمام فلا يُسلّم معه، ويُصلّي الرّكعة الثّانية ويجلس لها، ثم يُصلّي الرّكعتين التاليتين.[٩]
المسبوق في صلاةِ الجمعةإذا أدرك أحد المُصلّين ركعةً واحدةً من صلاةِ الجمعة فكأنَّه أدرك الصّلاة كلها؛ لحديثِ النبيّ عليه الصّلاة والسّلام عن أبي هريرة رضي الله عنه: (مَن أدرَكَ منَ الصَّلاةِ رَكْعةً فقد أدرَكَ الصَّلاةَ)، فالمسبوق في ركعة واحدة في صلاة الجمعة يُصلّي كما صلّى إمامه، والمسبوق الذي أدرك الصّلاة وكان الإمام في جلوسه يقضي أربع ركعات على أنَّها صلاة ظهر وليست صلاة جمعة.[١٠]
المسبوق في تكبيرات العيدإذا أدرك المسبوق صلاة العيد ووجدَ أنّ الإمام قد كبَّرَ ثلاثَ تكبيراتٍ مثلاً، فيقوم بتكبير تكبيرة الإحرام ويُتابع مع الإمام، وتسقط عنه التّكبيرات الأولى، أمَّا إذا وجد أنَّ الإمامَ قد سبقه بركعة، يُكْمِلُ مع الإمام، ثم يُكمل صلاته مع أداءِ التّكبيرات الخمس.[١١]
المسبوق في صلاة الجنازةإذا أدرك المسبوق صلاة الجنازة، ووجد أنَّ الإمام قد كبَّر تكبيرتين، ينتظر حتى يفرغ الإمام من تكبيراته، فإذا لم ينتظر المسبوق تكون صلاته صحيحةً ولكن غير محسوبة، فيقضي ما فاته من التّكبيرات بعد انتهاء الصّلاة.[١٢]
المراجعالمقالات المتعلقة بكيفية قضاء الركعات الفائتة