في ظلّ الفتن التي تموج بهذه الأمة حاليّاً ، ترى كثيراً من المسلمين حيارى تتقاذفهم الرّياح ، و تتداعى على قصعة عقولهم و أفكارهم ذئاب البشريّة من كلّ جانب ، و المسلم الكيّس الفطن هو المسلم القادر على تمييز الغثّ من السمين ، و تمييز الحقّ من الباطل في ظلّ هذا الهرج و المرج الذي ابتليت به الأمّة ، و قد حذّر النّبي صلّى الله عليه و سلّم من هذه الفتن و بيّن انتشارها و كثرتها بين يدي السّاعة حتى تصبح كقطع الليل المظلم أي كالنّجوم في كبد السّماء حين يتراءاها الإنسان ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلم سبل النّجاة من هذه الفتن ، و كيف يعتصم المؤمن بدينه و يتزوّد بزاد التّقوى و هو السّلاح الأقوى و الأمضى في مواجهة الفتن و الثّبات على الدّين .
و قد تعرّضت الأمّة و منذ وفاة سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إلى فتنٍ متلاحقةٍ يتبع بعضها بعضاً ، حيث ثار بعض الخارجين على حكم سيّدنا عثمان رضي الله عنه و قتلوه ، ثمّ استمرّت الفتن و أخذت أشكالاً مختلفةً ، و قد شهدت الأمّة الإسلاميّة فترات استقرارٍ و مجدٍ حين اعتصمت بدين الله و تمسّكت به ، فالاعتصام بحبل الله هو المنقذ لأمّة الإسلام حين الفتن و الملمّات .
و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم عدداً من الفتن و حذّر الأمّة منها أشدّ تحذيرٍ ، و أحدى هذه الفتن فتنة النّساء حيث قال محذراً رجال الأمّة بقوله ، ما تركت بعدي فتنةً أضرّ على الرّجال من النّساء ، و كذلك المرأة تفتن بزينة الدّنيا و متاعها ، فعليها الأخذ بأسباب الوّقاية من كلّ ذلك و التّزود بزاد التّقوى ، و قد خشي النّبي عليه الصّلاة و السّلام على أمّته و كان أخوف ما يخافه أن تفتح الدّنيا زهرتها للمسلمين و هو ما نراه حاليّاً ، فيتنافس المسلمون عليها فتهلكهم كما أهلكت من قبلهم .
و لكي يثبت المسلم على دينه ثبات الجبال مهما تغيّرت الأحوال ، عليه بتجنّب المفسدين و الضّالين و اجتناب أماكن الفتنة ، مع الحرص على مخالطة العابدين المؤمنين فهم خير رفيقٍ و خير مثبّتٍ على الطّريق المستقيم ، مع ما يتحصّن المؤمن به من الدّعاء و الصّلاة و العبادة .
المقالات المتعلقة بكيفية الثبات على الدين