صلاة التروايح هي صلاة عظيمة تصلى في رمضان دون سائر الشهور، وهي جزء من صلاة القيام التي تصلى بعد العشاء، إلا أنها ميزت في رمضان "بالتراويح" وقد سمّيت بذلك؛ لأنه يستراح في أدائها بعد كل ركعتين بتسليمة، حيث إنها تصلى مثنى مثنى حالها حال غيرها من السنن، ومع ذلك نجد أنّ المسلمين اهتموا بها اهتماماً كبيراً لما لها من أجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى.
مشروعية صلاة التراويحصلاة التراويح من الصلوات التي تقع في منزلة الرتائب التي تلي صلاة الفريضة في المنزلة، وهي بذلك سنة مؤكّدة يثاب صاحبها ولا يعاقب تاركها لكنه بذلك يحرم نفسه من الأجر العظيم، وقد صلاها النبي وحثّ عليها ومما روي عن في ذلك أنّه كان إذا ما أقبل رمضان خرج للناس في كل ليلة يؤمّهم في صلاة القيام، حتى إذا ما كانت الليلة الرابعة امتنع وصلى بالبيت ولم يخرج، فتعجّب الناس وتساءلت عن ذلك، فلما أن فرغ من صلاة الفجر أقبل إلى الناس وخطب بهم فقال: "أما بعد فإنه لم يخف عليِّ مكانكم، ولكني خشيتٌ أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها"،ومع ذلك وجدنا بأنّ عمر رضي الله عنه جمع الناس في رمضان تحت إمامة قارئ واحد على مدار الشهر؛ وإنما يعود السبب في ذلك لما رآه من حال الناس من وتفلّت وتشتّت في المساجد فخشي عليهم، وإذا كان النبي قد أمرنا بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء المهديين من بعده فإنه لا بأس لنا أن نأخذ عنهم طالما أنهم لم يحلوا حراماً أو يحرموا حلالاً.
عدد ركعات التراويحأما بالنسبة لعدد ركعاتها فهو مما لم يثبت به دليل نصي قاطع صريح، ولذلك كله نكتفي بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من سنة فعلية وأقصد بها ما عمله النبي صلى الله عليه وسلم وأخذه عنه من بعده أصحابه، و يظهر هذا جلياً في حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن في أنَّهُ سألَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها: كيف كانت صلاةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في رمضانَ؟ فقالت: ما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِهِ على إحدى عشرةَ ركعةً، يُصلِّي أربعًا، فلا تَسَلْ عن حُسنهِنَّ وطُولهِنَّ، ثم يُصلِّي أربعًا، فلا تَسَلْ عن حُسنهِنَّ وطُولهِنَّ، ثم يُصلِّي ثلاثًا. قالت عائشةُ: فقلتُ : يا رسولَ اللهِ، أتنامُ قبلَ أن تُوتِرَ ؟. فقال: يا عائشةُ، إنَّ عيني تنامانِ ولا ينامُ قلبي" حيث إن الصلاة في أصلها خشوع متى فُقد فقدت الصلاة الغاية التي شرعت لأجلها وهي غاية الذل والخشوع والإنكسار بين يدي الله، وبذلك كله يتبين لنا بأن العبرة ليست في عدد الركعات بقدر ما هو في إتقانها وأدائها بما يحب الله ويرضاه.
هذا من جانب، ومن جانب آخرفإنه حريٌ بنا ونحن نتحدث عن صلاة القيام في جماعة أن ننبه لأمر مهم ينبغي التنويه له، وهو دور الإمام وحرصه ومراعاته لحال من يؤمهم، من صغير وكبير وشاب وعجوز وطفل وامرأة كل هؤلاء ينبغي على الإمام أن يأخذهم بالحسبان قبل الشروع في الصلاة، إذ لا يطيل كثيراً فيدخل السآمة والتعب عليهم، ولا يخفّف كثيراً حتى لا تفقد الصلاة رونقها وجوهرها بين يتوسّط بين هذا وذاك، حيث إنّ الدين في جملته يسر وليس بالعسر، ولهذا كله وجب على هذا الإمام الحذر حتى لا يكون سبباً في نفور الناس منها.
إن رمضان هو غرة الشهور الهجرية بل وغرة الشهور والدهور كلها، فمن أدّى ما عليه فيه كان ذلك عتقاً له وحرزاً من النار، ومن مات فيه دخل الجنة يصدّق ذلك ما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه، فقيل يا رسول من؟ فقال: من أدرك رمضان ولم يدخله الجنة"، لذلك فهو فرصة ذهبية عظيمة لا تفوّت، حتى أنّ الأموات في قبورهم ليرجون لو يعودون للدنيا من أجل يوم واحد فيه.
المقالات المتعلقة بكم عدد ركعات صلاة التراويح