سيطرت فكرة الخلود على عقول النّاس منذ القدم و أرّق أمل الحصول عليها نفوسهم و جوارحهم ، فالخلود محبّب للنّفس بل هو غاية منى الخلق ، فمنذ أن خلق الله آدم و هو أبٌ البشر جميعاً و أمر الملائكة بالسّجود له تكريماً لشأنه و تعظيماً ، فسجد الملائكة كلّهم إلّا إبليس فسق عن أمر ربّه فأبى ذلك و امتنع بداعي أنّه أفضل من آدم فإنّه خلق من نار و آدم من طين ، فأخذ الشّيطان عهداً على نفسه لإضلال بني آدم و قد بدأت غوايته و وسوسته لأبيهم آدم حيث كان في الجنّة ، و قد حذّر الله آدم من الشّيطان و غوايته ببيان عداوته له و بغضه و أنّه سيسعى ليخرجه من الجنّة و يحرمه من نعيمها ، و قد حذّر الله سبحانه و تعالى آدم من الاقتراب من شجرةٍ معينةٍ حتّى لا يكون من الظالمين العاصين لأمر الله ، فجاء الشّيطان إلى آدم و قد بيّت النّية لغوايته ليعصي أمر ربّه ، فأتاه و منّاه بالحصول على الخلود و الملك الذي لا يبلى إذا أكل من الشّجرة التي نهي عنها ، و هي شجرة الخلد بزعمه التي يخلد الإنسان إذا أكل منها ، فلامست وساوس الشّيطان رغبة الخلد في نفس آدم ممّا جبله الله عليه ، فضعف و أكل من الشّجرة و زوجته حوّاء ، فبدت سوءاتهما فحاولا سترها بورق شجر الجنّة ، ثمّ استغفر آدم ربّه و تاب إليه فغفر له ذلك و أنزله من الجنّة إلى الأرض و استخلفه فيها .
فشجرة الخلد قد اختلف العلماء فيها هل تمنح الخلد لمن يأكل منها أم لا ، فطائفةٌ قالت لو أنّها كذلك لمنحت الخلد لآدم حين أكل منها ، و طائفةٌ قالت أن الشّيطان قد ادعى أنّها شجرة الخلد و أنّ حقيقة أمرها لا يعلمها إلا الله سبحانه و تعالى .
و المسلم يسعى و هو يرضي الرّحمن في الدّنيا بعمل الصّالحات و اجتناب المحرمات إلى دخول الجنّة و الخلود فيها ، و هذا جزاءه و ما وُعد به من الله ، فقد صحّ أنّ الموت يأتي بصورة كبشٍ و يذبح على الصراط فيقال يا أهل الجنّة خلودٌ و لا موت و يا أهل النّار خلودٌ و لا موت ، و قد ذكر الله الخلود في الجنّة لعباده في آياتٍ كثيرةٍ بقوله سبحانه ( خالدين فيها ) ، جعلنا الله من أهل الجنّة الفائزين برضوان الله .
المقالات المتعلقة بما هي شجرة الخلد