يقوم فرد ما بوضع الخبز في كيس من النايلون ويضعه في درج خزانة المطبخ، ثمّ تمضي الأيام ومع انشغاله في الحياة اليومية ينسى الخبز في الكيس، ثمّ حين يتذكره يراه ذو لونٍ أخضرٍ ورائحةٍ كريهةٍ وغير صالحٍ للأكل، فتشمئز نفسه، ويقوم بإلقاء الكيس في سلة القمامة، ويقول: "لقد تعفن الخبز".
فما هو فطر عفن الخبز؟ وكيف ينشأ؟ وبأيّ بيئة وهل هو ضار أم نافع؟
يعتبر الفطر من الكائنات الحية الدقيقة التي تعتمد على غذائها من الخارج من خلال امتصاص الجزيئات المغذية، بإفراز هيدرولازلات تعمل على إذابة الخلايا النباتية أو الحيوانية أو أيّ مواد عضوية أخرى تتغذى عليها الفطريات، وتعيش الفطريات بشكل عام في البيئات المتنوعة، فإن كانت التربة جافة أو رطبة أو المناخ حار أو بارد وفي الماء والهواء، فالفطريات تعيش وتتكيف مع البيئة التي تحيط بها.
والفطريات منها الضار ومنها النافع، فمن النافع البنسلين الذي اكتشفه اكسندر فلمنج والمضادات الحيوية التي تعمل على شفاء الكثير من الأمراض المعدية، وأيضًا فطر الخميرة الذي يستخدم في العجين ويسبب ارتفاعه وانتفاخه وجعله ينضج بسرعة، وهناك فطر المشروم عيش الغراب وهو مفيد ويستخدم كغذاء للإنسان.
وتتميز الفطريات بعدم وجود مادة الكلورفيل بها، وهناك منها ما يعتمد على كائن آخر في غذائه، ومنها ما يعيش بطريقة تكافلية، وتتكون من كيس بوغي يحمل بداخله أبواغ، ومحفظة للأبواغ، وخيط فطري وأشباه الجذور، وينمو العفن على سطح المواد العضوية الرطبة مشكلًا مستعمرةً من الفطر تشبه القطن؛ ممّا يؤدي إلى تعفن المواد التي نشأ عليها، وهي تتكاثر بالأبواغ الدقيقة التي تطفو في الهواء مكونة زغب رقيق يشبه في شكله القطن.
ويتكون جسم العفن من الهيقا وهي خطوط دقيقة متفرعة تنمو على سطح الخبز، ومن الممكن رؤيتها بالعين المجردة دون الحاجة لعدسة مكبرةٍ أو مجهر، وهذه الخيوط تكون الغزل الفطري الذي يتخلل في الخبز، فيفرز عليها الأنزيمات الهاضمة وتبدأ بتحليلها لمواد بسيطة تسبب التعفن، وحين تنمو الأبواغ تنفجر في الهواء وعندما تجد البيئة المناسبة تتكون وتتكاثر من جديد؛ ممّا يؤدي لتلف مواد أخرى غير الخبز كالخضراوات من خيار، وطماطم، وبصل، وليمون؛ ممّا يؤدي إلى تلفها وعدم صلاحيتها للأكل، ويسبب انتشار العفن الحساسية في الجهاز التنفسي عند الإنسان فهو ينتقل في الهواء ومع الغبار والأتربة والزوايا التي طالت مدة عدم تنظيفها، فتراكمت بها الأتربة والغبار وتؤدي لظهور العفن وتراكمه بشكل كبير.
ويستفاد من الفطريات في الدورة الطبيعة باستخدامها في تحليل الجثث الميتة والنباتات الذابلة، كذلك قد تضاف للأجبان كخمائر أو كمنكهات ذات طعم مميز كجبن ركفور، وقديمًا عرف الفراعنة فطر الخبز وقدرة الفطر على الشفاء حيث كلّما كان عفن الخبز أكثر كلما كان أقدر على الشفاء، فيقوموا بطحنه ووضعه على الجروح والتقرحات وتضميدها؛ ممّا يؤدي للشفاء، أو طحن العفن وتناوله لمكافحة الأمراض الداخلية لأعضاء الجسم المختلفة.
المقالات المتعلقة بفطر عفن الخبز