عيد الأم في أي تاريخ

مكانة الأم عالية جداً؛ فهي التي اختارها الله تعالى لتكون الموضع الذي يتم فيه تكوين الخلق الجديد، ونفخ الروح، وبما أن رفعة المكانة تترافق على الدوام مع عظيم الابتلاء، فإن الأمهات هنَّ أعظم الناس ابتلاءً، فتكفي آلام الحمل، وزفرات الولادة لترفع مكانتهنَّ في عليين، إذ تبدأ سيئات الأم بالتساقط كأوراق الشجر مع الزفرة الأولى من زفرات الولادة.

وقد اتبع السادة العلماء فيما مضى تقليداً جميلاً يظهر مدى عمق معرفتهم بهذه الخصيصة التي اختص الله تعالى بها المرأة دوناً عن الرجل، فقد كانوا إذا سمعوا بامرأة حديثة الولادة أرسلوا لها من يطلب منها أن تدعو الله لهم بكل خير، إيماناً منهم بأن المرأة بعد الولادة تعود صافية نقية لا خطايا عليها ولا آثام.

وتكريم الأم لم يقف عند المسلمين وحدهم، أو حتى عند أتباع الديانات السماوية، بل اختلفت أشكال التكريم من ثقافة إلى ثقافة أخرى، ومن شعب إلى شعب آخر، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الفطرة السليمة التي فطر الله تعالى الناس عليها، فلا يُتخيَّل أبداً أن هناك عاقلاً يمكن له أن يتخلى عن أمه إلا إن كان مسلوب الإنسانية، أو فاقداً للياقته العقلية.

من مظاهر تكريم الأمهات التي تعارفت عليها الإنسانية تخصيص يوم لها للاحتفال بها، ولإظهار لمكانتها، ولا يعني ذلك كما يشيع لدى البعض من أن إيجاد عيد الأم ما جاء إلا لأجل بر الأم ليوم واحد في العام فقط، وإهمالها في باقي الأيام، فلم يقل بهذا أحد، وحتى لو فعله البعض من المختلين، فهو ليس الحالة الأعم، إذ تبقى الفئة الأكثرية من كافة الشعوب والأديان والثقافات بارة بالأم، معظّمة لها.

يُحتفل بعيد الأم في مختلف مناطق الكرة الأرضية، ولكن بأيام مختلفة تختلف من منطقة إلى أخرى، فعلى سبيل المثال، يحتفل بهذا اليوم في الثامن من آذار في بعض المناطق الآسيوية والمناطق التابعة لأوروبا الشرقية، في حين يحتفل به في بعض المناطق كإسبانيا، والبرتغال، وليتوانيا، ودول أخرى في الأحد الأول من شهر أيار.

أما في العديد من الدول حول العالم فيحتفل بهذه المناسبة في الأحد الثاني من شهر أيار، ومن أبرز هذه الدول الصين، والهند، وهولندا، والولايات المتحدة الأمريكية، والبرازيل، والدانمارك، وألمانيا، واليونان، والبيرو، والباكستان، وسنغافورة، وجنوب أفريقيا، وأستراليا، والنمسا، وتشيلي، واليابان، وتركيا، والأوروغواي، وأوكرانيا، والعديد من الدول الأخرى، بينما يُحتفل بعيد الأم في معظم دول العالم العربي في الحادي والعشرين من آذار من كل عام، أما في دول عربية كالجزائر، وتونس، والمغرب فيحتفل بيوم الأم في الأحد الأخير من شهر أيار.