إنَّ في فرض الله للزكاة على المسلمين حكمة كبيرة، فهو لم يتركها اختياراً للمرء، ربما يعطيها تارة، ويمنعها تارة أخرى، ولكن حياة المسلمين لابد أن تسير، ولولا أخْذُ المالِ من الغني، وإعطاؤه للفقير، لانتشرت الجريمة والفاحشة، ولأصبحت الحياة في المجتمع المسلم صعبة ومعقدة.
الحكمة والغاية من تأدية زكاة الفطر تطهير للصائم مما علق به من اللغو والرفث، ودليل ذلك ما جاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- حيث قال : (فرضَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطعمةً للمساكين) رواه أبو داود، ذلك أن الصائم في غالب الأحيان لا يخلو صيامه من الخوض في لغط الحديث، واللهو بما لا يفيد، وما لا فائدة ترجى منه من القول، والرفث هو سقط الكلام فيما يتعلق بعورات المسلمين، وما شابه ذلك، فهذه الصدقة تطهير للصائمين مما وقعوا فيه من تجاوزاتٍ بالفعل أو القول، مما ينتقص من ثواب الصيام، إضافة إلى أن زكاة الفطر توسعة على المحتاجين والمساكين، والفقراء والمعوزين، وتجنيب لهم من ذل السؤال يوم العيد، واستبدال ذلك يوم العيد بما يدخل على قلوبهم الفرح والسرور، وليشعروا مع بقية الناس بفرحتهم بالعيد، كما ورد في الحديث: (أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم) أخرجه الدار قطني، بمعنى أن أطعموهم وسدوا رمقهم، ليستغنوا عن مد اليد للسؤال والطواف في يوم العيد، الذي يصبغه الفرح والسرور.
حكمة فرض الزكاةإن في زكاة الفطر حِكمٌ عظيمة، ومنها:
تتلخَّص الحِكمة من زكاة الفِطر في أمرَين:
تُؤدَّى زكاة الفطر قبل صلاة العيد، ويُستحب تقديمها في صباح يوم عيد الفطر، حسب ما جاء في الحديث السابق، ولهذا، يُستحسن تأخير صلاة العيد يوم الفطر، ليتَّسِعَ المجال لمؤدّيها أن يوصلوها لمستحقيها.
تؤدّى الزكاة للفقراء والمساكين مِنَ المسلمين، وللذين تراكمت عَلَيْهِمْ دُيون، ولا يستطيعون الوفاء بها، أو لا تكفيهم مداخيلهم لبقية الشهر، فيمكن اعتبارهم من المَساكين المحتاجين، ويمكن إعطاؤهم منها بقدر احتياجهم، فإذا كان عدد الفقراء كثير، جاز لنا أن نوزع عليهم زكاة شخص واحد، كما يجوز لنا أن نعطى محتاجاً واحداً زكاة أكثر من مزكٍ، والله ورسوله أعلم، ومن الأفضل لنا، أنْ نَتَوَلَّى توزيعها بأنفسنا، حيث قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ: (وَأَخْتَارُ قَسْمَ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِنَفْسِي عَلَى طَرْحِهَا عِنْدَ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ)، كما قَالَ مَالِكٌ: (لا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْ عِيَالِهِ مِسْكِينًاً وَاحِدًا).
من فضائل مجتمعنا الإسلامي القوي ترابطه وتعاضده، وتآلف أعضائه بكل طبقاتهم، فلو اتبعنا ما أنزله الله من نواهٍ وتعاليم، لأنزل علينا من نعمه وخيراته الكثير، ولغابت الآفات والأمراض المجتمعية، التي تنتشر في وجود الفقر، ويتحول فيها من لا مال له ولا سكن إلى عنصر سلبي، ينظر إلى الغني بعين الكره والحقد، ويعتدي ليعيش، ويسرق ليأكل، ولمعرفة الله بنفوس خلقه فرض الزكاة، وزكاة الفطر ليعطي من يملك لمن لا يملك، وفي ذلك خير علاج لمشاكلنا.
الآثار الاجتماعية لإخراج الزكاةيقوم الأساس في إخراج الزكاة على منح الغني الفقير قدر من المال، وإعطاؤه إياه من أجل التخفيف عنه في ضيقته التي يعيش بها، حيث إنّ الأمر يعمل على دعم التكافل الاجتماعي بين الناس، فيحدث فيها حالة من إحساس الغني بالفقير، كما أنّّ الأمر يكون أشبه بأن يحدث حالة من التكاتف الاجتماعي الذي يعمل على زيادة أواصر المحبة بين الناس، كما أنّ هذا الأمر ليس مقيداً بشهر رمضان، حيث إنّ الكثير من الناس الذين يعيشون حالة اقتصادية ميسورة يقومون بمساعدة الفقراء بين فترة وأخرى؛ من أجل الحصول على الرضا من الله -سبحانه وتعالى-، كما أنّّ في هذا الأمر تكفير عن الخطايا، وتخليص النفس من الشح والبخل، حيث إنّ الأرزاق مقدرة بيد الله، وليست مختصة فقط لمجموعة من الأشخاص، لذلك، فإنّ المال الذي على الأرض هو مال الله، فيجب أن يتم العمل به كما شرع الله.
المقالات المتعلقة بطريقة اخراج زكاة الفطر