من المعلوم أن كل سورة في القرآن العظيم وآياته نزلت بسبب ما، ولحادثةٍ معينةٍ، فكان نزولها تبياناً لحكمٍ، أو إرشاداً وهداية، أو وعيداً وتهديداً للكفار، أو وعداً وبشرى للمؤمنين، أو إخباراً عن أمر، ومن هذه السور سورة الإخلاص والتي من قرأها له ثواب وأجر ثلث القرآن، ومن أحبّها بصدقٍ أحبه الله تعالى، ومن قرأها عشر مرات بنى الله له قصراً في الجنة، ولها أيضاً من الفضل ما لا يعلمه إلا الله، ولكن ما سبب نزول هذه السورة العظيمة؟
سبب نزول سورة الإخلاصجاء أحد الأيام بعض اليهود الحاقدين على هذا الدين المستهزئين به، وكل هذا كله لأنّ خاتم النبيين لم يكن من ملتهم، فقد كانوا يأملون أن يخرج من بينهم، فكانت المفاجأة الكبرى أن بعثه الله واختاره من العرب، فازداد حقدهم وكرههم، فطلبوا من نبينا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم أن يصف لهم الله سبحانه وتعالى، ومن أي معدن هو، وهل يأكل ويشرب، وما جنسه ومم خُلق، ومن ورّثه الأرض ومن سيورّثها هو، وما هو نسبه.
وقد زعموا أنّ الله وصف ذاته في كتابهم التوراة، وحاشاه أن يُوصف أو أن يتخيله عقل بشر، بل لا يجوز أن يفكر الإنسان بخلق الله وكيف خُلق ومن خلقه، وما هو شكله وصورته، فأنزل الله سبحانه وتعالى بواسطة الوحي سيدنا جبريل عليه السلام، على رسول الله هذه السورة: (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ . اللَّـهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)؛ فهي سورة من أربع آيات بعد البسملة، قصيرة موجزة، ولكنها عظيمة كبيرة، فقد ذكر الله عزوجل فيها مخاطباً نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم: إنّ الله واحد أحد، لا شريك له، كامل في صفاته، مستغنٍ عن الجميع، وجميع المخلوقات مفتقره إليه، لا يموت ولا يورث، ولا مثيل له ولا شبيه، وليس كمثله شيءٌ في الأرض ولا في السماء، ففي هذا نفيٌ من الله جل في علاه أن يكون والد لأحد أو مولود، أو أن يكون له مثيل.
تسمية سورة الإخلاص بهذا الإسميعود سبب تسمية هذه السورة بهذا الاسم إلى أنّ من قرأها وآمن بها -أي اعتقد بأن الله واحد فرد صمد، لا يلد ولم يولد، ولا شريك له ولا مثيل- وطبق ذلك بشكلٍ عملي فقد أخلص لله تعالى، وقيل أيضاً إنّها مخلَصة لله تعالى، لم يذكر الله عزّ وجل فيها حكماً من الأحكام، ولم يخبر عن أمرٍ ما، بل اختصها لنفسه، وأخبر عن ذاته فقط سبحانه وتعالى.
المقالات المتعلقة بسبب نزول سورة الإخلاص