قال الله تعالى "وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ .وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ .وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ .وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ .وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ".
الإسلام دين رحمة، ليس مقصوراً على البشر ِ فحسب بل امتدت رحمته لتشمل مخلوقات ِ الله جمعاء من طيور وحشرات وحيوانات، ولقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نكون رحماء بالحيوانات، وأوجب علينا حقوقا ً لها فهي قد تدخلنا نارَ جهنم إن نحن ُ عذبناها، أو تركناها دون طعام ٍ أو شراب أو عرضناها لمشاق ِ الأعمال وما لا طاقة لها بها، وسنسأل ونحاسب يوم القيامة عن هذه المخلوقات الضعيفة .
لذلك وضع الإسلام قواعد وضوابط للتعامل مع الحيوانات، لتكون بمثابة الخط الأحمر الذي لا يتعداه المسلم الملتزم بأوامر خالقه، وهذا إن دل على شيء أيضا ً إنما يدل على رقي دين الإسلام في نظرته للحيوان على أنه مخلوق له أهميته و دوره في الحياة .
فمن حق الحيوانات علينا أن نحسن إليها، ولها الحق في الرعاية بأن نهيئ لها مكانا ً مناسبا ً نطعمها ونزودها بالماء ونعتني بها، ولها الحق في الرحمة بأن نحسن إليها عند ذبحها، فلقد نهانا الإسلام أن ترى الذبيحة السكين وأن نحسن الذبح ولا نعذبها فقال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته " رواه مسلم ولقد مر رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ ببعير لصق ظهره ببطنه فقال : " اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة " ومن رحمة الإسلام أنه حرم ذبح الحلوب للضيف فلا تذبح الشاة الحلوب المرضعة، حتى ولو كان السبب إكرام الضيف مع أن الإسلام َ أمر بإكرامه
وحرم علينا دم الحيوانات وأن نقتلها لنؤذيها، وللحيوانات أيضا ً الحق في الحماية فلا يجوز تعذيب الحيوانات ِ بأي شكل ٍ كان أو لأي هدف سواء كان للتسلية والمشاهدة والمتعة كمصارعة الثيران أو مصارعة الديكة، أو حبسها وتركها دون طعام فلها الحق في الطعام والشراب أيضا ً قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ :"عُذّبت امرأة في هرّة، سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار؛ لا هي أطعمتها، ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض "متفق عليه.
ومن حق الحيوانات أن نرفع الظلم الواقع عليها قال مالك أن عمر بن الخطاب مر َّ بحمارٍِ عليه لبن فوضع عنه طوبتين فأتت سيدته لعمر فقالت : يا عمر مالك ولحماري ؟ ألك عليه سلطان ؟ فقال : فما يقعدني في هذا الموضوع لو أن بغلة بالعراق تعثرت لسئل عمر عنها لماذا لم يمهد لها الطريق ؟ . وقد رأي عمر رجلا ً حمَّل بعيره مالا يطيق فضربه بالدرة قال له :لم تحمل بعيرك َ مالا يطيق ؟ وهذا من رحمة الإسلام بالحيوان، ومن حق الحيوانات في الإسلام .
ولها أيضا ً حق في الوقاية من المرض، وعلاجها إن مرضت أو أصيبت بسوء، فإن هي أصيب بمرض ٍ نعزلها عن بقية ِ الحيوانات فمن التعاليم الإسلامية " لا يوردن ممرض مصح "، والممرض هي الإبل المريضة التي تعدي غيرها من الإبل، فلا يجب جمعها مع الصحيحة السليمة؛ حتى لا تنقل لها المرض.
ولها الحق أن تعيش في بيئة نظيفة خالية من الفساد قال تعالى :"ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها "، فهي أرض تسكنها مخلوقات الله فنهانا الإسلام عن تخريبها بالتلوثات الهوائية والمائية والنباتية؛ لأنه أذاها يمتد أيضا للحيوانات.
ومن حقها عدم تغيير خلقتها، ووسمها في الوجه، أو تشويهها فقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ "لعن من ضرب أو وسم في وجه الحيوان "، وحرم قطع ذيل الحيوانات أو كيها .
وختاماً نذكر أن الإسلام نبهنا لحق الحيوانات في الدراسات العلمية، والحفاظ على أمته وجنسه لذلك حرم العلماء استنساخ الحيوانات أو تهجينها مع حيوان آخر: كالجمل مع الكانغروا مثلا ً فهذا يغير خلق الله وسلالة الحيوانات قال تعالى في سورة النور : "وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".
المقالات المتعلقة بحقوق الحيوان في الاسلام