جابر بن زيد هو أبو الشعثاء جابر بن زيد اليحمدي الأزدي، ولد عام 21هـ في زمن الخليفة عمر بن الخطاب في منطقة تعرف بالجوف في ولاية نزوى التي تعد عاصمة لمحافظة الداخلية في عمان، ثم انتقل إلى البصرة، وعاش فيها أكثر من موطنه الأصلي، وعرف بأنه محدث وفقيه وإمام في الحديث والتفسير، حيث روى الحديث عن أم المؤمنين عائشة، وعن عدد كبير من الصحابة، كما أرسى قواعد وأصول المذهب الإباضي، وتوفي في عام 93هـ عن عمر يناهز 72 عاماً، وفي هذا المقال سنعرفكم عليه.
شيوخ جابر بن زيدتنقل جابر بن زيد بين الحجاز والبصرة طلباً للعلم، حيث يعد من أقرب التلاميذ لعبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله كما بحرصه وسعيه لطلب العلم، حيث كان دائم الترحال، والحج، وكان يحج كل عام للالتقاء مع العلماء والصحابة، الأمر الذي زاد قوة علاقته وصلته بالعديد من علماء عصره، مثل: محمد بن سيرين، وعكرمة مولى عباس.
مكانة جابر بن زيد العلمية وتلاميذهيعرف جابر بن زيد بزهده في الدنيا، ومكانته العلمية المرموقة، حيث قال عنه ابن تيمية بأنه أعلم الناس في زمانه، وحاول البعض أن يقدحوا فيه بقولهم أنه تبرأ من الإباضية قبل موته، إلا أن بعض المؤرخين نفوا ذلك، نظراً لدوره الكبير في تطوير الحركة وتنظيمها، ويعد ضمام بن السائب، وقتادة شيخ البخاري، وأيوب بن أبي تميمة كيسان من أشهر تلاميذه.
دور جابر بن زيد السياسي والدعويعاصر جابر بن زيد العديد من الظروف السياسية التي شهدتها الأمة الإسلامية منذ الثلث الثاني من القرن الأول الهجري عندما حدثت الفتن بين عدد من الصحابة بعد مقتل الخليفة عثمان، الأمر الذي أدى إلى انحراف الإسلام عن مساره، وانشغال الإمام جابر بالتنظير والفقه، وابتعاده عن الظهور أمام الناس كسياسي، إلا أنه لم يغب عن الأحداث السياسية، حيث ارتبط بمحكمة الأوائل؛ كالإمام أبي بلال مرداس بن حدير، ثم انضم إلى جماعة القعدة التي كان يتزعمها أبو بلال مرداس بن أدية، والتي كانت تهدف للدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة، والحكمة دون إيذاء الآخرين.
ترك جابر بن زيد موسوعة علمية نفيسة تتضمن مختلف فنون الشريعة تعرف بـاسم ديوان جابر، وهو من أوائل المؤلفين في الإسلام، وأول من جمع الحديث في ديوان، ولم تقتصر جهود جابر بن زيد على الرجال وحدهم، بل تجاوزتهم إلى النساء، فتقول هند بنت المهلب: (كان جابر بن زيد أشد الناس انقطاعًا إلي وإلى أمي، وكان لا يعلم شيء يقربني إلى الله -عزَّ وجلَّ- إلا أمرني به، ولا شيء يباعدني عنه إلا نهاني عنه، وكان ليأمرني أين أضع الخمار)، وتضع يدها على جبهتها، كما كان على اتصال بالكثير من تلاميذه وأصحابه في مختلف المناطق لتذكيرهم بالآخرة، ولتعليمهم المواعظ الدينية، مع العلم بأنه كان شديد الحذر عند مراسلتهم، حتى لا ينتبه أحد من السلطة الأموية إليه، كما أرسل العديد من الرسائل إلى العلماء ليأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر.
المقالات المتعلقة بجابر بن زيد