نجيب محفوظ من الروائيّين العرب المَشهورين في العصر الحديث، وتحديداً منذ القرن العشرين للميلاد حتّى هذا اليوم، فقد ساهمت أعماله الروائيّة في عكس صورةٍ عن طبيعة الحياة الشعبيّة في الأحياء المصريّة القديمة، كما أنّ مُؤلّفات نجيب محفوظ نقلت صورةً عن واقع المُجتمع المصريّ، وخصوصاً في مراحلَ مُتعدّدة من القرن العشرين للميلاد، ونتيجةً لإنجازات محفوظ الأدبيّة حصل على العديد من الجوائز المحليّة والعالميّة، ومن أشهرها جائزة نوبل للأدب في عام 1988م.[١]
حياتهوُلِدَ نجيب محفوظ عبد العزيز الباشا في 11 كانون الأول (ديسمبر) عام 1911م في القاهرة، وعاش في أحد أحيائها القديمة والذي يُعرفُ باسم حي الجماليّة، وكان للمنطقة التي سكن فيها تأثيرٌ واضح على أعماله الروائيّة؛ لأنّه عاصر التّاريخ القديم لمصر، وعاش بين مباني ومعالمَ القاهرة التاريخيّة والأثريّة، وساهمت كلّ هذه العوامل في تشكيل شخصيّته الأدبيّة المشهورة. تُوفّي نجيب محفوظ في الجيزة في 30 آب (أغسطس) عام 2006م.[٢]
تعليمهدرس نجيب محفوظ في المرحلة الابتدائيّة في مدرسة بين القصرين، ومن ثمّ انتقل إلى مدرسة فؤاد الأول الثانويّة ليُكمل دراسته، وبعد نجاحه في الدّراسة المدرسيّة قرّر دراسة الفلسفة، وحصل على شهادة جامعيّة في عام 1934م، وأثناء دراسته الجامعيّة عمل مُحرّراً في إحدى المَجلّات، وصار ينشر المقالات الأدبيّة، وأصبح نجيب محفوظ معروفاً في الأوساط الأدبيّة منذ ذلك الوقت.[٣]
مسيرته الأدبيّةبدأ نجيب محفوظ مسيرته الأدبيّة في كتابة المقالات منذ الرّبع الأول من القرن العشرين للميلاد؛ إذ خصّص موضوعات أدبه ليروي الأحداث السياسيّة، والاجتماعيّة التي تدور في مصر، ممّا أدّى إلى ظهور عناصرَ تكرّرت في كلِّ رواياته، لتُشكّل رابطاً جذريّاً وأساسيّاً يربطُ بين جميع أعماله الأدبيّة، ومن أشهر هذه الرّوابط الحارة (الحيّ الشعبيّ) والتي تُعادل في صورتها وفقاً لتعبير محفوظ العالم بذاته، ونتج عن ذلك تأليفه للعديد من الأعمال الأدبيّة الروائيّة حول الحارات الشعبيّة، ومن أشهرها رواية أولاد حارتنا، كما تحوّلت العديد من روايات نجيب محفوظ إلى أعمالٍ سينمائيّة لقُربها من الواقع، ومن مُعاناة المُجتمع المصريّ، وأحداثها التي تَصِف حياة المُواطنين في مصر عن قُرب، والتي تتضمن أدقّ التّفاصيل الحياتيّة.[٤]
تلخيص رواية زقاق المدقّرواية زقاق المدقّ من أشهر الرّوايات الأدبيّة التي كتبها نجيب محفوظ، أمّا زقاق المدقّ فهو جزء من مكان موجود في إحدى مُحافظات مصر، استهلّ به محفوظ روايته لوصفِ ونقل صورة ذلك المكان كما هي؛ فنجده قد وصف الزّقاق بمنازله، وطبيعة النّاس الذين يعيشون فيه، ومَحلّاته التجاريّة كافّةً، إضافةً إلى الشّعور بالملل، ورتابة الحياة هناك كعادة حياة المصريّين في المناطق الشعبيّة المُشابهة.
بطلة رواية زقاق المدقّ هي حميدة، شابّة في ريعان شبابها، وهي العمود الرئيسيّ للرّواية، وترعرعت وكبرت على يد صاحبة أمّها التي تكفّلت بها، وأيقنت حميدة أنّها وقعت في الدّائرة المُظلمة من الحياة، فهذا الزّقاق الذي تعيش فيه، وهذه الدّناءة والقذارة التي تملأ المكان كانت من الأمور التي أشعلت في داخلها نقماً على الزّقاق وعلى حياتها؛ لأنّها ترى أنّ فتاةً مثلها مكانها في السّرايا وبيوت الهوانم، كما يجب أن تلبس أجمل الفساتين الرّاقية ذات الرّونق، والحُليّ ذات البريق، فترى أنّها تستحقّ حياةَ الرفاهيّة.
وجدت حميدة مَخرجها من هذه الحياة التي كرهتها من خلال عباس الحلو، وهو من شباب زقاق المدقّ، فأغرَتهُ بجمالها، وسكنت هواه، واستغلّت عذوبتها ورقّتها لتنشل قلبه، فقد رأت في هذا الشّاب البسيط ملاذاً لها، ومَسكناً تلجأ إليه بقيّة عمرها، أمّا عباس فيعمل صاحباً لصالون حلاقة للرّجال، ويحصل منه على قوت يومه، والذي يُعينه على العيش ومصائب الدّهر، ويقع هذا الصّالون بجانب محل البسبوسة (الهريسة)، وصاحبه شخصيّةٌ أخرى في هذه الرّواية وهو (العم كامل) الكبير بالسنّ، وهو عجوز قد سَئِم الحياة، فيغمض عيونه أحياناً ليستغرق في نومه في وضح النّهار أثناء فترة عمله.
لم يرَ عبّاس الحلو في صالون الحلاقة سبيلاً يكفيه ويُعيله هو وحميدة، فقرّر بعد قراءة فاتحتهما مع والدة حميدة وصاحب محل البسبوسة العم كامل أن يلتحق بمعسكر الإنجليز محاولاً البحث عن فرصة للعمل أفضل من عمله الحالي، لتُساعده على كسب المال الوفير فيَقدر على إدخال السّعادة إلى قلب حميدة.
ضحّى عبّاس بالزّقاق وصالونه من أجل حميدة التي لم تقتنع بمحاولته هذه، ولم يكفِها ارتحاله وتحمّله للمشقّة لأجلها، فاستمرّت بالبحث عمّن هو جاهز مُسبَقاً كي يُدخلها العالم الذي كانت تحلم به، دون أن تضطر إلى انتظار عباس لوقت أطول، وبعد محاولاتها المُتعدّدة كان لها ما أرادت؛ فاقتنصت غريباً عن زقاق المدقّ كان ينظر إليها من القهوة المُقابلة لنافذتها، وأُسِرَ هذا الغريب بما رأى، فحثّه ذلك على الجلوس في نفس المِقعد أمام تلك النّافذة يوميّاً كي يرى تلك الفتاة الجميلة.
تتوالى أحداث رواية زقاق المدقّ ويستمرّ سعي حميدة وراء النّقود، والملابس الفاخرة، والحياة الفارهة المليئة بالرفاهيّة، ويؤول بها الأمر إلى شخصيّة المدعوّ (فرج) ليلقي بها ما بين أقدام عساكر العدو، فنالت ما اشتهت من المال بعد أن باعت شرفها، وغيّرت اسمها إلى تيتي، وهجرت الحياة الكريمة القذرة بنظرها مقابل حياتها الجديدة والتي ندمت عليها ولكن بعد فوات الأوان.[٥]
من مُؤلّفات نجيب محفوظتوجد العديد من الأعمال الأدبيّة المشهورة التي كتبها نجيب محفوظ، والآتي مجموعة منها:[٦]
المقالات المتعلقة بتلخيص رواية زقاق المدق