من صفات المؤمن الملتزم بدينه أنّه يستشعر مراقبة الله تعالى له في السّرّ كما يستشعرها في العلن ، فحين يكون المسلم يصلّي أو يؤدي عبادةً من العبادات أمام النّاس قد يتسلّل إلى نفسه شيءٌ من الرّياء و السّمعه ، و لكن يتجلّى إيمان المؤمن و تقواه حين يحرص على أن يخصّص جزءً من عبادته و صلاته بينه و بين الله تعالى ، و قد تحدّث النّبي صلّى الله عليه و سلّم أنّ أفضل الأعمال عند الله حين يخفيها المسلم عن أعين النّاس مثل الصّدقة حيث أنّ من بين الأصناف الذين يظلّهم الله بظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه رجلٌ تصدّق بيمينه فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ، و كذلك رجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ، و لا شكّ بأنّ الأجر متحصلٌ للمؤمن حين يؤدّي الأعمال سراً أو علانيّةً ، لكنّ الأجر يكون أكبر حين تكون تلك العبادات بعيداً عن أعين النّاس و حيث يكون الباعث عليها تقوى الله تعالى و محبّته ، قال تعالى ( إن تبدوا الصّدقات فنعمّا هي ، و إن تخفوها و تؤتوها الفقراء فهو خيرٌ لكم ) .
و قد عرف العلماء التّقوى بأنّها الخشية من الله سبحانه و تعالى و استشعار مراقبته في السّر و العلن ، و عرّفها الإمام عليّ بن أبي طالب تعريفاً موجزاً معبّراً حيث قال إنّ التّقوى هي الخوف من الجليل و العمل بالتّنزيل و الرّضا بالقليل و الاستعداد ليوم الرّحيل ، فحين ترى مسلماً يسعى لخدمة النّاس و السّعي في ما بينهم بالخير ، و هو يفعل ذلك في سبيل الله تعلم بأنّ ما حركّه لذلك و شحن عزيمته الإيمان و التّقوى في قلبه ، و حين ترى المسلم يخرج في ظلمات الليل إلى المساجد حيث لا يراه إلا الله جلّ و علا تدرك أنّ الباعث على ذلك التّقوى في قلبه و ابتغاء الأجر من عند الله تعالى ، فمن صفات المسلم التّقي أن يعبد ربه خوفاً و طمعاً ، حيث يخشى من ربّه و يستشعر مراقبته ، و يطمع في ما عند الله من الأجر و الثّواب و الرّحمة ، و قد ضرب السّلف الصّالح أروع النّماذج في ذلك حيث كانوا يتّقون الله في كلّ أحوالهم فهلاّ نقتدي بهم في حياتنا المعاصرة ؟ .
المقالات المتعلقة بتقوى الله في السر والعلن