الحياة مدرسة، أستاذها الزمان، ودروسها التجارب، لا تحتاج إلى طلب انتساب ولا إلى حجز مقعد، بل تسجل فيها من أول لحظة تخرج فيها إليها، نتعلم منها، نكتسب خبرات، ونتعلم معارف، ونتدرب ونطور مهارات، ننجح أحيانًا وننصدم أحيانًا أخرى، فقطار الدنيا يتوقف عند محطات لأخذ العبرة من مواقف أو مصاعب واجهتك في الطريق، واللبيب من فهم الرسالة ولم يطل الوقوف، ولحق بهذا القطار، وتتدارك أخطائه، وتعلم من تجاربه فيها، فأنت تحصل من الحياة على ما تصنعه فيها، فليس عارٌ أن تقع، ولكن العار ألّا تحاول النهوض ثانيةً، ولا تجاري أو تماشي أو تداري الحياة وأن تمشي على ما هي تريد، بل اجعل الدنيا تمشي كما تريد أنت لا هي، فما دمت على قيد الحياة فعليك أن تتعب، فإذا اخطأت لا توجه اللوم للآخرين أو تعلق مشاكلهم عليهم وهذا يجوز ولكن بعد أن توجه اللوم أولًا لنفسك، واعلم فيما قصرت أولًا ثمّ لم غيرك، كن أنت التغيير الذي تريده في العالم، ابدأ بنفسك وغيّر فيها أولًا ثمّ بعائلتك ثمّ بالمحيطين بك، وهكذا... ولا تقل أنا شخص واحد أو عديم الحيلة أو اعجز عن التغيير، الجميع يريد التغيير ويتمنّاه ولكن لا يقدم عليه، لماذا؟ لأنّه ينتظر أن يراه من شخص واحد على الأقل، فكن أنت ذلك الشخص، وكن سببًا في التغيير، وكن مبادرًا له، واجعل الناس تشعر بالتفاؤل، أري الناس النصف المملوء من الكأس، واصرف نظرهم عن النصف الفارغ منه، ولا تبكِ على اللبن المسكوب، فإنّ بكائك لن يعيده بل، اجتهد لتوفر غيره، لا تنظر إلى الحجارة المتناثرة حولك، بل اجمعها وابن منها سلم ترتقي به إلى النجاح، ولا تيأس أبدًا، فقد تكون على بعد خطوة واحدة من الأمل المرجو والحلم الذي شكلته في ذهنك، واعلم أنّ سرّ النجاح تنظيم الوقت، وانسخ من قاموسك كلمة "إنّي مشغول" لأنني متأكد أنّ أكثر الأشخاص المشغولين يضيعون وقت كثيرًا بلا فائدة، بل ضع لنفسك خطةً فعالةً، ودعمها بخطةٍ بديلةٍ في حال الفشل؛ كي لا تصاب بخيبة الأمل، لماذا لا تخطط لقادم الأيام ومستقبل الزمان؟ لماذا لا تضع خطة لحياتك لمدة سنة أو سنتين أو حتى خمس أو عشر؟ لماذا تردد كلمة "لوقته فرج"؟
قد تتذرع بأنّك لست ضامنًا أن تعيش للحظة قادمة، أنا أتفق معك ولكن هذا لا يعني الخضوع للدنيا والاستسلام لها ومجاراة أحوالها ومُماشات متغيراتها وأن تلعب بك كما تشاء هي، فإن علي -رضي الله عنه- قال: ".. واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدًا".
الحياة قصيرة جدًا لتعادي هذا وتقاطع ذاك، الحياة قصيرة لتقضيها بالكدر والنكد، عش حياتك ولكن على أسس ثابتة على أرض صلبة جلمود، تعلم من أخطاء الماضي وادرس تجارب اليوم لتحقق أهداف وأحلام الغد، لا تيأس فاليأس ليس من أخلاق المسلم، وكيف تيأس ولك رب كبير، لهذا لا تقل يا رب لي همٌ كبير ولكن قل يا هم لي رب كبير، اسعى لتحقيق ذاتك وهدفك في هذه الحياة، واترك لك بصمة تدلّ عليك، وإلّا فما فائدة وجودك في هذه الحياة، زد على الحياة ولا تكن زائدًا عليها، فإذا قلت لي وما الشيء الذي سأتركه في هذه الحياة، سأقولها بكل بساطة أبسط هدف في هذه الحياة هي السيرة الحسنة، ابن سيرتك الحسنة حتّى يتذكرك الناس بالخير فتكون قد تركت بصمةً لك في الحياة، فالسيرة الحسنة مثل شجرة الزيتون لا تنمو سريعًا ولكن تعيش طويلًا، واحذر من تشويه صورتك أمام الناس ولو بخطأٍ صغير فهل المرأة بعدما تنكسر وتعيد لحمها هل تعود كما كانت نقية صافية؟ قف وفكر وقيم أفعالك، انظر إلى ردة فعل الناس بالنسبة إليك وفكر لماذا؟ لماذا يفعلون كذا ولا يفعلون كذا، وحاسب نفسك وقوم اعوجاجها وصحّح انحرافها واضبط اتجاه البوصلة جيدًا، وإذا احترت في أمرين فانظر أيّهما أقرب إلى هواك فاجتنبه وابتعد عنه، فإنّ الصواب في اجتناب الهوى؛ لأنّ النفس أمّارةٌ بالسوء، ولا تتبع خطوات الشيطان، ولا تعطي وعدًا وأنت سعيد، ولا تعقد أمرًا وأنت غاضب، فسرعان ما يذهبا وتضلّ أنت بحسرتك وندامتك، ولكن قبل اتخاذ أيّ قرار فكر بلب سليم، وعقل رزين، ومنطق صحيح؛ حتّى لا تندم في النهاية.
المقالات المتعلقة بتعبير عن الطموح