بحث عن الصداقة

بحث عن الصداقة

العلاقات الاجتماعية

الإنسان كائنٌ اجتماعيٌ بطبعه، ويُحب الالتقاء بالناس والتّعرف عليهم، وتبادل الأفكار والمشاعر معهم، كما يَحتاج الإنسان إلى أشخاصٍ يمثلون له مَلجأً حقيقياً كلّما قست الأيام عليه؛ فيخفّفون عنه آلامه وأحزانه، ويثبتون فُؤاده إذا تعرّض للظلم، ويساعدونه على تقويم اعوجاجه إذا جنح عن جادةِ الصّواب.

تتنوع أنواع العلاقات الاجتماعية التي يرتبط الإنسان بها؛ فهناك العائلة بمكوناتها الأساسية: الأم، والأب، والأخوة، والزّوجة، والأبناء، والأخوال والخالات وأبنائهم، والأعمام والعمّات وأبنائهم. وإلى جانب الارتباطات العائلية يَرتبطُ الإنسان بعلاقاتٍ أخرى من أهمها على الإطلاق علاقةُ الصّداقة، التي قد تكون في بعض الأحيان أمتنُ وأقوى من بعض العلاقات العائلية.

الصداقة

علاقة الصداقة هي تلك العلاقة التي يَرتبط الإنسان من خِلالها بأشخاصٍ آخرين، ويقعون إمّا داخل دائرة العائلة أو خارجها؛ حيث تُلزم الصداقةُ الإنسانَ بالعديد من اللّوازم ومنها: تبادل مشاعر المودة، والمحبة، والأُلفة مع الصديق، بالإضافة إلى الخَوف على مصلحته وكأنّها مصلحةٌ شخصية، والحرصُ على راحته، وعدم إزعاجه، أو الإثقال عليه.

لا يشترط في علاقة الصداقة الحقيقية أنْ يَرى الصديقان بعضهما البعض كل يومٍ وكل ساعة، فقد يَفترق الصّديقان عن بعضهما أميالاً وأميال، وأياماً وليال، ويبقى الدفء حاضراً في العلاقة ومُسيطراً عليها، أمّا في حالة الصداقة المُزيفة المَبنية على المَصالح، فحتى لو التقى الصديقان كلَّ يوم فإنَّ دفءَ العلاقةِ سيكون غائباً، وستغيب المعاني والقيم الجميلة والرائعة عن الطرفين، مما قد يُؤدي إلى نُشوب العديد من الخلافات التي تَتَخذُ طابعَ الجدية، والصَّرامة في المُعاملة، وهو ما يتناقض تماماً مع ما يَجِبُ أنْ يَكون الأصدقاء عليه.

كذلك من المُفترض أنْ يَتعامل الصّديقان الحقيقيان مع بعضهما البعض بالأخلاق الرَّفيعة، فلا يَصح أنْ يَتَبادل الصّديقان الشّتائم بينهما، كما لا يَصحُّ أنْ يكذب كلٌّ منهما على الآخر؛ فالصراحةُ مطلوبةٌ في هذه العلاقة وفي غيرها حتى تبقى المَودة والاحترام، وحتى لا يتسلل شياطين الجن والإنس بينهما؛ فينزعان عليهما هذه السعادة.

الصداقة لا تعرف المُحددات

لا تعرف الصداقة الحقيقية المُحدّدات وعوامل التَّفرِقة كما يَعتقد البعض، فقد تجاوزت هذه العلاقة السّامية هذه الأمور؛ فالصداقة لا تبنى لا على أساسٍ عرقي، ولا على أساسٍ ديني، ولا على أساسٍ طائفي، ولا على أساسِ الّلون، ولا على أي أساسٍ آخر، فهي تُبنى فقط على أساسِ اجتماعِ روحين إنسانيتين؛ لذا فإنّ علاقات الصّداقة قد تُشكّل لدى المُجتمعات الإنسانية وسيلةً من وسائل تجاوز عواملِ الفرقة والاختلاف.

مثلاً لو تصادق شخصان من ديانتين مُختلفتين صداقةً حقيقيةً قائمةً على المودة والرحمة، فإنّ هذه الصّداقة ستؤثر حتماً في عائلتيهما، مما سيؤدّي إلى تَمازجِ الأفراد، أو على الأقل شُيوع الاحترام المُتبادل بين الطرفين، وقد تقضي مثل هذه العلاقات المُحترمة بين الناس على مَظاهر التّعصب، والانغلاق التي تَشيع في بعض المُجتمعات، ولدى بعض الأفراد.

المقالات المتعلقة ببحث عن الصداقة