على الرغمِ من أنّ بعض معاجم اللغة العربيّة لا توضّح أيّ فرق كبير في المعنى بين كلّ من كلمتيْ النور والضوء، كما تفسرّهما في كثير من الأحيان بالمعنى نفسه، إلا أنّ الله تعالى ذكر كلاًّ من هاتيْن الكلمتيْن في صياغة مختلفة في العديد من آيات القرآن الكريم، كقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا) [يونس، الآية: 5]، الأمر الذي يدلّ على وجود فرق في المعنى ما بين صفة الأشعّة المنبعثة من الشمس بوصفِها ضياءً أو ضوء والأشعة المنبعثة من القمر بوصفِها نوراً.
الفرق بين الضوء والنورمع التطوّر العلميّ السريع الذي شهده العصر الحديث تمكّن علماء الفلك من التفرقة ما بين النجوم والقمر، وتحديد الفرق ما بين الأشعّة المنبعثة من كلٍّ منها، وعلى الرغم من كونِها واحدة من الاكتشافاتِ العلميّة الحديثة، إلا أنها قد ذكرت في القرآن الكريم منذ ما يزيد عن ألف وأربعمائة سنة، الأمر الذي إن دلّ فلا يدلّ سوى على الإعجاز العلميّ في معجزة الله تعالى القرآن الكريم.
فرّق علماء الفلك ما بين النجوم والأقمار، وذلك بكون النجوم وأكبرها الشمس من الأجسام المشعّة، والتي تطلق الضوء والإشعاعات الضوئيّة من ذاتها، أما القمرُ فهو من الأجسام المعتمة التي تمتصّ جزءاً من الضوء المنبعثِ نحوَها من النجوم، كما تعكسُ النسبة الأكبر منه عن سطحها، وتسمّى الأشعة الضوئيّة المنعكسة عنها بالنور، وفي اللغة يمكن التفرقة ما بين النور والضوء كالتالي.
كما ذهب بعض المفسّرين في أنّ الضوء يأتي بمعنى الإنارة القويّة، والضوء في هذه الحال أقوى من النور، وذلك لكونِ الضوء منبعثاً من الأجسام المتوهّجة والملتهبة التي تمتلكُ حرارةً ذاتيّة، أمّا القمر فلا يشعل ولا يلتهب بل يعمل على عكس أشعّة الشمس الواصلة إليه حتى ينير ما حوله من فراغ.
وصف الله تعالى نفسَه بالنوروصف الله تعالى نفسَه بالنّور بدلاً من الضياء في العديدِ من الآيات القرآنيّة، ومنها قوله تعالى (الله نُورُ السموات والأرض) [النور، الآية 35]، وقد فسّر العلماء ذلك بأنّ الله سبحانه وتعالى هو هادي مَن في السماء والأرض، بمعنى أنّ هداية الله -عزّ وجل- قد جلت وظهرت بوضوح في مختلف أقاصي البرّ والبحر، وسبب استخدام لفظ النّور دونَ الضوء؛ أنّ الضوء يذهبُ العتمة والظلمات من حوله بسبب قوّة إنارته، أمّا النور فيظهر كخطّ واضح وفاصل ما بين الهدى والظلال.
المقالات المتعلقة بالفرق بين النور والضوء